بعض المفارقات على هامش ما يحدث في بلد الارز…

Photo

صدّرَ "لبنان" الى "تونس" "العقلَ التجاري أو" المركنتيلي" من خلال الفينيقيين القادمين من صُور (وحيفا)، وكان لذلك آثارٌ عميقة في مسيرة المجتمع التونسي الذي انفرد بها. فكانت قرطاج رمزا لحضارة فتيّة، مُتحدّية لعظمة روما في مناطق نفوذها من حيث التجارة والفنون المعمارية والحربية. ومن ثمة ترسّخت لدينا قبل غيرنا من شعوب كثيرة، فنونُ التجارة وبالتالي فنون الإقناع، والمحاورة وفهم الآخر...

فلم نكن خاضعين لثقافةٍ بعيْنها، بقدر ما تمازجت الأنماط المعيشية المتعاقبة بما تقتضيه المراحل التاريخية. فكانت معابد المياه بزغوان، ومسارح قرطاج ودُقة وباللَّاريجيا، والغْرِيبَة بجربة، وجامع القيروان والزيتونة، وابن خلدون وبارون ديرلونجي، والصادقية وأبو القاسم الشابي.

كلها محطات تاريخية تختزل تراكمات ثقافية، ثرية في تنوعها. تُمحْوِرُ الكونَ حول مركزية الانسان. ارتقت بالفرد الى حدّ تخلّيه عن التنظيمات الاجتماعية الريعيية-ماقبل رأسمالية التي لا يمكن ان تستوعبَ "الحداثة" كونها المسارَ المطلق الذي يحقق من خلاله الانسان انسانيته ويُخضع فيه الواقعَ لإرادته، كما لم تترك هذه المحطات للطائفية مكانًا في الأحقاب المتأخرة لأنها لا تتلاءم مع متطلبات التوق نحو الديموقراطية.

ومع ذلك، يبدو اليومَ المجتمع اللبناني كانّه مازال مُشَكّلاً حسب الطوائف، رغم انه من الشعوب الأكثر انفتاحا والأكثر ترحالا والأكثر تمازجًا مع الشعوب الأخرى في كامل أنحاء العالم، وخاصة الأكثر قُربًا لآليات السّوق كإطار انخرطت فيه المجتمعات التي لفظت التشكيلات الاجتماعية ما-قبل-حداثية! …

غريب كذلك - حسب البعض أمرُ الشعب "اللبناني-اللّغز" الذي يطالب، على ضوء نظيره التونسي، بالمواطنة بما تتضمنه من إعادة النظر في العلاقة بين المواطن والدّولة؛ تلك الدّولة التي تدير في آخر المطاف توزيعَ الثروات في حين أنّ الطبقة السّياسية المُشكّلة على أساس طائفي قد انتخبها المواطن ذاتُه منذ ما يقل عن عام واحد، حيث علاقتها به تتعارض أصلا مع مفهوم "المواطنة" في زمن ما بعد الحداثة! …

قد يكون مفهوم "التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية"، حتى ولو كان أساسُه المنهجي بنوياًّ، مفيدا في حل جزء من هذا اللغز، وذلك لاعتباره انّ "الأطلال او بقايا النظم الاجتماعية السّابقة" يُمكن انْ تُستثمر في العديد من المجتمعات من قِبل السّلطة للترويج لنظام اجتماعي شفّاف في ظاهره، غير منصفٍ في باطنه…

أخيرا، اعتقد ان تغيير العلاقة بين المواطن والدولة يُصبح أمرا واقعا لا محالة عندما يتجاوز وعيُ الناس بواقعهم وعيَ القائمين على شؤونهم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات