حول بعض المنابر والتصريحات في الشأن الاقتصادي الحالي…

قد يلاحظ البعضُ أنّ عددا من الوزراء السّابقين -حتى لبعض الأشهر- الذين كانوا مسؤولين مباشرةً على التنمية أو الاقتصاد الكُلي أو المالية العامّة ، بالرّغم من ظهورهم في الجلسات العامّة بالبرلمان أو عبر عشرات التصريحات الإعلامية -كم كانت كثيرةً ورتيبةً-، وهي فرصةٌ للتعبير عن إطار السياسات الاقتصادية الذي اشتغلوا في ضوئه، فانّه لا يُذكر أنَّ أحدَهُم قد ركّز يومًا على (أو ذكر) خطّةً واضحةً للنّْمو الاقتصادي تتضمّن آليات الارتقاء بالإنتاجية وتثمين مصادرها، أو خطّة للتنمية المكانية أو القطاعية (عدى الطاقة) أو التفصيل في السياسات الصّناعية الموجّهة، أو حَبْك الاستراتيجيات التجارية.

فهذا كان منشغلا بكُتلة الأجور ولو استطاع لَخَفّضها إلى الصّفر وهو إحصائيًّا الوضعُ المثالي بطبيعة الحال عندما تكون نظرة السياسة الاقتصادية جُزئيّة أو ضيقة. والآخر همُّه الأوحد هو تمويل الميزانية عبر الاتاوة أو الاقتراض – على شاكلة خطاب وزيرة المالية الحالية، بدون (1) المُضيّ نحو التطبيق الفعلي للإصلاح الجبائي الجاهز منذ سنوات ولا (2) إطار عام للإنفاق مَبنٍ على أُسُس علمية -ولو كان “بُنزي” حيّا لاستنكر ذلك- ولا (3) ذَكَرَ كلمة “استدامة" الدّين العام، ولا (4) ارتباط عجز جُلّ المؤسّسات العمومية ببعضها والسُبل العملياتية لتفكيك أسباب انزلاقه.

وذاك مُهتمّ بتوريد “الزّڤوڤو في المُولد” و"العلالش في العيد” ...بدون (1) “استراتيجية تجارية" تخضع لمتطلّبات اقتصاد مفتوح ذي قابليّة الهشاشة العالية لولا تنويعه، ولا (2) مخزون استراتيجي وتعديلي” متوسط وبعيد الأجل، ولا (3) تنويع في الشراكات الدولية...، بالرّغم من أصوات وأقلام العديد من المتدخّلين في الفضاء العام الذين كانوا يلاحظون تلك الاختلالات القاتلة...

هؤلاء نَجِدُهم اليوم لا يكفّون عن الحديث عن أهمية “النمو” في "استدامة الديّن" وفي "التخفيض من نسبة كتلة الاجور من الناتج المحلي الإجمالي" وكذلك في "الاصلاح المالي للمؤسّسات العمومية"، وكأنّهم يتحدّثون عن “اختراع العجلة” مستعملين هذه مصطلحات -التي أصبحت متداولة- بطريقة غير مُقنعة للمتخصًصين لأنها بدون تأصيل نظري ولا تطبيقي ولا دراسات منشورة…

لست أدري ما الذي يدفعهم للحديث عن ذلك بتلك الكثافة، خاصّة في ظلّ الأزمة الحالية الداخلية وتباطؤ النمو اقليميا، وفي الوضع السياسي الرّاهن الذي يحتاج الى خطاب أكثر عُمقا وشموليّة وصدقا وخاصّة تشاركيّةً؛ وضعٌ سياسيٌ غامض ومناخُ استثمار مُكبّل، بالأكيد غير مستدام -ولو طال- ولا يمكن أن يستمر.

ملاحظة: الحديث عن آراء افراد وليس عن مواقف احزاب، مع الاحترام لمبدأ حرية التعبير.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات