حول "حجّة المواطنَة" للذهاب الى صناديق الاقتراع التي عبّر عنها واعتمدها بعضُ الاصدقاء:

أولا: دوافع العزوف، والمقاطعة، والمشاركة في الاستفتاء متعددة في البلاد. فإما عن دوافع المشاركة، فهي كذلك متعدّدة.

اذْ منها :

(1) التعبيرُ عن خيبتهٍ حيال النخبة السياسية التي وُضعت بالضرورة في نفس السلّة وحُشرت في الركن بواسطة الشعبوية من جهة وآلةٍ اعلامية ترويجية من جهة اخرى، ومنها

(2) الرغبةُ في المساهمة في ازاحة طرف سياسي بعينه والتحوّل بالتالي الى لعب دور الاداةِ بالوكالة لأجندات أشمل بعلم او بدون علم، دون استهداف مصلحة معيّنة، ومنها

(3) الخلطُ بين الاستفتاء على دستور والتصويت لفائدة سعيّد، وهي عمليةُ "بيعةٍ" لا مشروطة كما لا تتواءم مع مجتمع ما بعد الحداثة قائم على مواطنين، ومنها

(4) التفاؤل غير المبرّر بالمستقبل والاعتقاد في الزعامة الفردية المتجسّدة في شخص الرئيس في ظل مجتمع - مرّة أخرى- ما بعد الحداثة!، ومنها

(5) منح الثقة للقائمين على الاستفتاء في ادارة عملية التصويت بدون التساؤل عن الشروط الموضوعية والمؤسسية لذلك، ومنها

(6) الرغبة في المساهمة بالتصويت لعدم قبول الدستور المُقترح بدون الانتباه الى تبعات ذلك اذا تبيّن يومًا انّها مساهمةٌ في تبييض انقلاب … فهل كل اصحاب هذه المواقف آمنوا بسلامة المسار الذي سلكوه واستكملوا بالضرورة مواطنتَهم من خلال عملية التصويت!

ثانيا: اذا كانت عملية التصويت تعبيرًا من تعابير "المواطنة"، فانّ عدمها لا يعني بالضرورة "اللامواطنة". لان المواطنة -بعيدا عن المعنى اللغوي الاولي- هي في آخر المطاف تعبيرٌ مسؤولٌ عن ممارسة واعية، تتمحور معانيها حول استنفاذ الفرد لكل الحقوق وقيامه طوعًا بالواجبات تجاه المجموعة التي يتشارك معها العيشَ.

والدولةُ الحديثة هنا، كقوّة مركّزة للمجتمع ومُمثلٍ رسميٍّ له، هي التي تحمي المواطَنةَ في أبعادها المتعددة من حقوق وتوسيع الفضاءات للتعبير وللمطالبة والمراقبة والمحاسبة، حيث لا تربطها بالفرد الاّ قواعد "اللعبة" التي هي جوهر المؤسسة. فاذا اختلّت هذه القواعد، اختلت العلاقة بين المواطِن والدولة وتوتّرت، وذهب كلّ منهما يبحث عن شرعيّة ممارسته للمواطنَة وللتمثيل الرسمي، تباعًا.

- ثالثًا : وبالمعنى التشغيلي، اذا كانت "شرعية السلطة" محل نزاع وتجاذب، واختلطت "بمشروعية" - وهي انحراف فكري لا يُجيدُه مليونان من الاميين- لم تثبت احصائيا الا عند المنتفع منها ومن هم في حلبته،فانّ عملية الاستفتاء في حدّ ذاتها مأزقٌ للمنتصر والذي شارك فيه والذي دُعي للمشاركة وقاطعها…

(يتبع)

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات