شرعية الدولة الديموقراطية في المراحل الانتقالية…

Photo

الدولةُ القويةُ، في الاقتصاد السياسي، هي تلك القادرة على تحديد وانشاء مؤسّسات ناجعة ومستقلة، حيث يضيق المجال للأفراد ومجموعات الضغط في محاولاتهم المُحتملة لابتزاز الدولة ومقدّراتها والاستفادة من مفاصلها لفائدة مساهمة المؤسسات الفعالة في التقدم والازهار.

كما تكمُن شرعية الدولة الديموقراطية في المراحل الانتقالية – حسب علم الاجتماع السياسي الحديث، في حماية هذه المؤسّسات وتقويتها وتحقيق الخدمات لكل المواطنين من أمن وكرامة وسُؤدد من خلال آليات متعدّدة الأبعاد ... وبقطع النظر عن نوعية النظام السياسي، فان الهيئات المحتكرة للسلطة من برلمان ورئاستيْ الجمهورية والحكومة، كلّها معنية بهذه الشرعية تُجاه كل المواطنين وليس للأجزاء التي انتخبتها فقط.

وقد يكون ما صرّح به "الياس الفخفاخ" من أنّ شرعية الحُكم التنفيذي منحصرة في النتائج الاحصائية للانتخابيات الرئاسية طريقةً لحسم ثنائية الصّراع بين "الثوريين" و "غير الثوريين" وبالتالي دعم مسار الدَّمقرطة، فان ذلك قد يُضعف شرعيته حتى ولو كانت "إحصائية يالوكالة" لأنّ الموازين تبدو متعادلة في أرض الواقع حيث وجب أن يتم الحسم، وانّ الشرعيات المُعتمدة لدى مجموعات الضغط والكتل النيابية مُتغيرة حسب موازين القوى التي لن تُحسم في آخر المطاف الاّ بالإنجازات الفعلية. وهذا تحدٍّ في حد ذاته باعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي المهتز.

وان كان التلاحم والانسجام بين السلطات الثلاث ضروريا في هذه المرحلة المحتاجة الى عقد اجتماعي صلب، فان عدم اعتباره قد يقود "الفخفاخ"– إذا ما تمّ منحه الثقة، الى خطوة أخرى الى الامام تُحاكي تجربة "الشاهد" في تعظيم وزن خصومه الذين لم ينخرطوا كليا في المسار الانتقالي ولم ينسحبوا منه في نفس الوقت ولم يكترثوا بحقيقة وزنهم، قد تكون جعلت منه محورا للاستهلاك السياسي في البلاد ولكن أخّرت في مسار الانتقال الديموقراطي وزادت بالتالي في منسوب مخاطر الالتفاف عليه.

أخيرا، المعادلة بين ترميم ثقة المواطن في النخبة السياسية من جهة وقدرة هذه الاخيرة على رفع التحديات من جهة أخرى وتجنب اعادة الانتخابات التشريعية من جهة ثالثة والاصطفاف حول عقد اجتماعي متين، سيظهر عند منهجية تكوين الحكومة وقدرة "الفخفاخ" على الاقناع ومدى انخراط المواطن في يرامجه واصلاحاته المُعلنة…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات