على رأس من يا ترى سقط سور المدينة ؟

دقات ثلاث ..

.يرتفع الستار

رجل وحيد على الركح يضع على عينيه نظارتين سميكتين يجلس على كرسي عتيق وفي يده عصا من خشب فاخر. يحدث جهة غير مرئية.

» لماذا ترضون بالهم المتراكم على رؤوسكم ؟ لماذا تقبلون بما انتم فيه ؟ ..انتم شعب الأنانية و العبودية والخذلان و التقاعس فلا نصرة لبعضكم البعض، لا حمية، لا روح …تلبسون أكفانا وانتم أحياء كالأموات»

يجيب صوت من خارج الركح لا يعرف مصدره

الصوت : عفوا سيدي لسنا كما تقول ..لسنا أنانيين بالدرجة التي تصورها .لكننا محبطون يائسون، يرى أغلبنا السفينة تسير الى الهلاك ولكن لا أمل في النجاة . لم يعد هناك ما يجدي نفعا.. وربما جر التفكير في كل هذا وراءه الكدر وضغط الدم. وطالب الحرية اليوم عندنا صار أما مغامرا مجنونا يطلب المستحيل او صاحب شأن يريد أن يقضيه حتى تسهل السياسة فتصير الشجاعة بلا ثمن ..هل تريدنا أن نعود الى فنتازيا العشرية الحمقاء ؟

وماذا يفيد أن نطالب بالتغيير اذا كنا نخشى أن نعود الى ما كنا فيه ؟ ألا يكون هو افضل من غيره حاكم بلادنا ومنقذنا من انفسنا ؟ ألسنا ندعوه أحيانا بصاحب العلو الشاهق ؟ وأي سياسي غيره بالقياس اليه ألن يكون اتعس منه انتهازي فاسد أو مبتدئ لا يصلح لشيء ؟

الرجل على الركح : غريب أمركم ألم يبق لكم وسط هذا الخراب القبيح إلا أن تضحكوا عليه وعلى أنفسكم أو تتباكون على موت هذا أو نكبة ذاك في حين ان المصيبة أعظم وأوسع ولكنكم لا ترون غير الأجزاء و الفتات خشية أن يحسب موقفكم اذا نظرتم الى المشهد في كليته القبيحة باعتباره دعما لخصم جعلتم منه عدوا دائما دون دليل …اليوم ليس هناك في غابتكم الخضراء التي تحولت الى ارض جرداء الا شيخ متفرد يلتهم المصائر والإعمار ويرمي بالجميع في سجن الدولة التي نسيت عقلها ومنطقها فلم يبق منها غير سلطان يجتر ذكريات الخلفاء الراشدين في الهزيع الأخير من الليل في حين انه يعيد سيرة زياد بن أبيه والحجاج بن يوسف.

لقد تفشت بينكم بلا شك حركة انهزام مستسلمة فلم يعد الكثيرون منكم ينتظرون شيئا غير أن يتدخل القدر ليحميكم ويخلصكم مما أنتم فيه ؟. هل تنكرتم لمقولة شاعركم : « اذا الشعب اذا أراد استجاب له القدر » فانقطعتم عن الإرادة وتركتم للقدر مصيركم ؟ ولكن متى كان القدر لا صنيعة له غير منحكم ما لستم قادرين عليه ؟ وهل يمكن للقدر فعلا أن يمنحكم فرصتين بعد أن أهدرتم الفرصة الأولى وبددتم الحلم لما تحولتم الى قطط شرسة تتقاتل على فتات السلطة تمزقت أشلاؤها بين انتهازي رخيص و هاوي سياسة يشتغل بما لا يفهم ولا يعرف ؟ أفلتت السلطة من أيديكم غير أنكم ما تنفكون تتنابزون بالألقاب و تتنكرون الى بعضكم البعض وتلقون بالزلة على عمرو دون زيد وكلكم كمن يرمي الزانية بحجر وفي رقبته كل الزلات والذنوب.

الم يبق منكم غير جبان أو منافق ومن سلالة أمة عريقة في النفاق ؟ ألم تكونوا ذات يوم بركانا أثار براكين كثيرة قبل أن تتحولوا الى راسب من رواسبه الميتة.

يغيب الصوت. فلا مجيب.

يظل الرجل ينظر أمامه وهو صامت.

لا يسمع إلا عواء الريح تتلوى وهدير سور يسقط على الرؤوس وعويل رجال ينحبون و نسوة يندبن كَمَثَلِ رِيحٍ فيها عذاب أليم. على رؤوس من يا ترى سقط سور المدينة ؟

ينزل الستار

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Maher
19/04/2025 17:04
نص ادبي يعج بالرموز يبحث برسالة لسياسيين تهافتوا على السلطة فجاء من انتزعها منهم ولم يكن أجدرهم لكن أقواهم لتملكه السلطة الخشنة، حاملي السلاح.