حضرت اليوم اجتماع الإطارات النقابية بجهة تونس في قصر المؤتمرات : كلام هادئ حول اجتماع صاخب

تركت سيارتي بعيدا عن قصر المؤتمرات أحب السير على القدمين في هذا العمر.. قال لي بعض أصدقائي من الأطباء ان السير والرياضة يجنبانني كثيرا من الأمراض التي يخشونها علي .

سرت في الطريق الطويل في نهج محمد الخامس وحدي كنت ارى وفودا معي تسير عن بعد من نساء محجبات وشباب يحمل الكوفية الفلسطينية . كنت اسير نحو القصر وانا افكر في معنى وجودي في اجتماع من هذا النوع .

يعرف أصدقائي من النقابيين أنني ناضلت منذ 2006 ومؤتمر المنستير الذي كتبت عنه اكثر من مقال ضد التلاعب بقانون المنظمة تصديت أكثر من أي نقابي ومن أي استاذ جامعي أو غيره ( لا معنى للتواضع هنا ) من خلال عشرات النصوص المتعلقة بقانون الاتحاد ونظامه الداخلي اللذين كدت احفظهما عن ظهر قلب لكثرة عشرتي لهما ضد اي تجاوز لهما .

حذرت من تجاوز قانون الاتحاد وقلت دائما ان المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي بدعة لا وجود لها في الواقع النقابي ولا في قانون المنظمة، ولكن وانا اسير في الشارع الطويل تذكرت بورقيبة ( احيانا يحدث للإنسان اي يحب جلاده بعد وقت.. يا لعبث التاريخ ! ) كان عدوا لفرنسا، ولكن رفض ان يتحالف مع ألمانيا النازية ضد فرنسا عدوته .

كان بورقيبة يعرف ان التاريخ سينتصر لفرنسا بجميع عيوبها على الفكر النازي المجرم . ولعل ذلك هو الذي جاء بي الى هذا الاجتماع.. فانا اختلف مع الاتحاد، ولكن لا اتحالف مع السلطة ضده .

وصلت الى قصر المؤتمرات...كانت سيارات الشرطة تملا المكان والبوليس واقفا في ابواب القصر … دخلت..

وجدت حشودا كثيرة خارج القاعة لان النقابيين لم يجدوا مكانا ..غصت القاعة بحاضريها وهي تنتظر قدوم الامين العام . جاء الامين العام ..التهبت القاعة وارتفعت الشعارات ( لا ادري لماذا رأيت فيه شبح الحبيب عاشور ؟)

ابتدأ الاجتماع بكلمة الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس العاصمة باعتبار الاجتماع اجتماعا للإطارات النقابية لجهة تونس. كان المكتب التنفيذي الوطني في اغلبه حاضرا .

تحدث في كلمات قليلة عن الاتحاد المستهدف من السلطة وذكّر بأن القضاء مستقل وانه لا يمكن ان تتدخل السلطة في قضية الاتحاد ..لم يطل كثيرا في ذلك وقال " كلكم متشوقون لكلمة الأمين العام " .

كلمة الامين العام

لن الخص لكم كلمة الأمين العام فقد استمعت في الاعلام اليوم الى كثير من المقالات التي أتت على مضامين الخطاب . لا يعنيني كثيرا مضمونه بقد ما يعنيني المنطق الداخلي الذي كان يحكمه ولكم بعد ذلك الحكم على هذا الخطاب او الحكم على تقديمي له .

كان نورالدين الطبوبي يسير على خيط رفيع . بدأ أولا بتكذيب خبر أن الجيش طلب منه الاستيلاء على مقرات الاتحاد وإغلاقها و أكد ان الجيش الوطني دوره حماية الوطن لا غير ( هذا الكلام لم يمنعه في أخر خطابه من التحذير من التعرض لمقرات الاتحاد).

كان يريد أن يتمايز عن المعارضة ولذلك أكد أكثر من مرة أن الاتحاد لا علاقة له بحكومة الإنقاذ الوطني التي تقترحها المعارضة.

كان يوجه حديثه إلى الحكومة في علاقة بالمطالب الاجتماعية وفي صلة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ..ولكن دون التعرض الى قيس سعيد وكأن سعيد لا صلة له بالحكومة واختياراتها .

كان استبعاد الرئيس من الصراع أمرا مقصودا ومبرمجا له بدقة للتأكيد على الطابع غير السياسي للتحرك ..

غير ان الطبوبي في حماسه ورغم توجيهات مستشاريه بلا شك وفي انفعاله لم يستطع تجنب مواجهة قيس سعيد مباشرة ( تجنّب الحديث عن قيس سعيد كان تمرينا صعبا فشل فيه الطبوبي رغم كل محاولاته ) .

وجه سهامه مباشرة الى الرئيس الذي سخر من الحوار الوطني الذي قاده الاتحاد بداية من 2013 ونال من اجله جائزة نوبل .قال الطبوبي ان الحوار كان وطنيا ولا نقبل اي تحقير له من اية جهة كانت .

علا صوت الطبوبي فوصل إلى المراسيم التي تتساقط علينا وقال " عرفت البارحة من جهة حقوقية وجهات سياسية أن الحكومة من خلال مرسومين تستعد لبيع البلاد للصهاينة بتمكينهم من شراء أراض في تونس وقال " سنتصدى لكل محاولات التطبيع التي أصبحت واضحة في تونس " كان الحديث عن التطبيع موجها بشكل سري إلى قيس سعيد .

في خلاصة كان الطبوبي يريد ان ينزع من خطابه أي بعد سياسي يتعلق بالانقلاب على الدستور والقانون والعبث بمؤسسات الدولة، ولكنه لم يفلح اذ كان كلامه موجها ظاهريا الى الحكومة وفي العمق ضد قيس سعيد وتوجهاته .

رغم كل هذا أقول لكل أصدقائي اتركوا الاتحاد يمارس صراعه مع السلطة كما يريد.. ان السياسة تستوجب اليوم ان نقف مع كل من يخدم قضية العودة الى المسار الديمقراطي المنكوب دون البحث كثيرا في أغراض ونوايا هذا او ذاك .

فلنترك هذا التمرين العقلي والسياسي لوقت آخر …

الشعارات المرفوعة اليوم :


• الاتحاد مستقل والشغيلة هي الكل

• الاتحاد اقوى قوة في البلاد

• بالروح بالدم نفديك يا اتحاد

• الشعب يريد ثورة من جديد

• نهار مشوم على الحكومة اليوم

• اش قربك للواد يا لحكومة

انهي هذا الكلام بحديث للطبوبي لا ادري ماذا يعني بالضبط واترك لكم تفسيره يقول بالحرف الواحد " يوم 16 ستجدوننا في الشوارع واقول لهم قريبا ينتظركم نهار مغلّg باللهجة التي لا يعرفها غير أهل الريف والطبوبي واحد منهم .

بلادنا مقبلة على محن كثيرة فليحمها الرب من كل سوء …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات