ماذا حدث اليوم في تظاهرة 10 أكتوبر؟

بعين ملاحظ موضوعي رغم انخراطه في المظاهرة

التحقت بالمظاهرة كالعادة حوالي العاشرة علمت قبل الالتحاق بها أن قوات الأمن منعتها في شارع محمد الخامس كما كان مقررا لها في البداية. كنت متأكدا من ذلك للسبب الذي شرحته في وقفة 26 سبتمبرالماضي ..

يحاول الأمن حصر المظاهرة في مربع ضيق حول مدارج المسرح البلدي ..قيامها في شارع محمد الخامس يجعل مراقبتها أمرا أكثر صعوبة ويجعل حجمها أكبر بروزا للعيان اذ كانت ستمتد من مفترق شارع خيرالدين الى ساحة 14 جانفي أي حوالي 800 متر وفي شارع واسع وهي مسافة كبيرة بإمكانها تجميع أكثر من 100 ألف متظاهر .هكذا يتحكم الأمن في العدد ويقلل من حجم المظاهرة .

كان شارع الحبيب بورقيبة مغلقا في مستوى الساعة الكبرى في ساحة 14 جانفي في اتجاه المسرح .

مررت بنهج جون جوريس لأدخل شارع الحبيب بورقيبة من أحد الأنهج الفرعية كانت كلها مغلقة نهج كمال اتاتورك ونهج القاهرة ونهج مرسليا . فتح مسرب صغير على مستوى نهج عاصمة الجزائر مع إخضاع أي داخل إلى المظاهرة إلى التفتيش مما نتج عنه حالات تدافع منعت الكثيرين من الالتحاق بالمظاهرة ومنهم كثير من النساء اللواتي تجنبن الخضوع الى التفتيش من قبل عونات أمن .

طبعا كالعادة بلغني انه وقع منعت الحافلات من الوصول الى العاصمة وكالعادة رفع الشعار " يا للعار يا للعار المسيرة في حصار ".

دخلت الى الشارع بعد ان خضعت مثل غيري للتفتيش ..على عكس المظاهرات السابقة كانت التظاهرة ضخمة قد تصل الى حوالي 50 إلف متظاهر وكانت تجمع بين الشعارات والأغاني الحماسية والخطب .

برز بشكل لافت الناشط جوهر بن مبارك وقد اعتلى مركبة وعبر مضخم الصوت كان يقود الجماهير ويلهب مشاعرها ويقود شعاراتها …

حوالي منتصف النهار بدأت الأمطار في الهطول، ولكن المتظاهرين لم يتحركوا ظلوا يرددون الأغاني والشعارات . كان حماسهم أعظم من خوفهم من تغير الطقس لم يدفعهم المطر الذي بدا ينزل بغزارة الى الاحتماء، بل اعتبر الكثير منهم ذلك علامة خير وبركة .

علمت بعد مغادرتي المظاهرة انه وقع استعمال الغاز المسيل للدموع وهو ما أكدته عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب مروى الردادي في تصريح لموزاييك اليوم الأحد 10 اكتوبر 2021 كما أكدت الردادي تسجيل ضرب أمني لامرأة خمسينية على مستوى. الراس تم نقلها الى المستشفى وأشارت الردادي إلى أنه تم منع أعضاء هيئة المراقبين من التحرك بحرية .

تذكرت وأنا أغادر المظاهرة الوقفة الأولى التي نفذها عدد قليل من الناشطين وكنت من بينهم قيل حينها اننا كنا حفنة من النخبة الفاسدة التي لا علاقة بالشعب..اليوم صرنا بالآلاف ولا يعنيني كثيرا ما يقال عنا …كما لا يعنينا أن نتحول كلنا في عين مرضى النهضة الى إسلاميين .

وبقطع النظر عمن شارك في المظاهرة أو لم يشارك لا اعتقد ان هناك عاقل لم يدرك ان البلاد لا يمكن ان تحكم بيد رجل واحد .

كنا اليوم في الشارع لأننا لا نرضى أن نكون عبيدا لرجل لا احد يعلم شيئا عن مشاريعه ولا عن المغامرة التي يمكن ان يحمل اليها البلاد بعد أن حررتنا الثورة من هذا الإحساس البغيض .

وإذا كان نظام التعددية الذي عشناه فاسدا وهو بلا شك كذلك وهو قابل للإصلاح اذا صفت النوايا وتوحدت الجهود فان الاستبداد أكثر منه بشاعة وفسادا فهو معرض كما علمنا ذلك التاريخ أن يجور عن القصد وينحرف على الطريق ويحمل الناس على الكراهية والتباغض وهو أيسر طريق نحو نار الفتنة . بلا شك سيتورط ويورط غيره في ما لا نرضاه لتونس كما تورط ملوك القهر والإطلاق وكل من سبقهم من طغاة تونس الذين حملوها الى الفساد والخراب من محمد الصادق باي الى بن علي..

عجبا لمن يريدوننا ان نحتمي من الرمضاء بالنار. ليس هناك في عقلنا وضميرنا ووجداننا جميعا من مفسدة اكبر من استعباد الناس بأي شعار زائف كان . لقد عشنا الخوف في عهد بن علي ولكننا لقحنا ضده جرعة مرة اثر جرعة حصنتنا من الخوف كما حصتنا من التصنيفات البغيضة التي لم تعد تعنينا فكم قيل لنا قبل الثورة ان ما نكتبه عن الحرية لا يخدم غير النهضة ولكننا لم نعبأ بذلك لان الحرية لا تفرق ولا توهب على المقاس ولا تنمح على الهوية .

نعم لا خوف بعد اليوم.. لا مطالب لنا إلا أن نعامل كمواطنين لا كرعايا .

و إذا كان هناك من لا يفهم الخطر الجاثم على البلاد هذه الأيام وهي المقبلة على الإفلاس بدعوى كره النهضة فلأنه لم يدرك لا معنى المواطنة ولا معنى عزة النفس ولا معنى الغيرة على هذا البلاد التي قسمت شعبا ضد شعب وهي الآن على شفى حفرة عميقة اذا لم لم تجد من ينقذها من حكم الشعبوية والمجانية ..

فلتحيا الحرية كما رسمنا اسمها على كراساتنا مرات ورددنا معناها كما علمنا ذلك معلمونا في مدرسة الجمهورية التي غذت عقولنا ونفوسنا بحبها .

إنما الحرية الحمراء باب … بكل يد مضرجة يدق.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات