مظاهرة اليوم أمام المسرح ..تغطية سريعة لمواطن عادي

نسبت صحافة الابتذال والارتزاق مظاهرة اليوم إلى هذا أو ذاك من الناشطين أو السياسيين . لا أريد أن اسمي من نسب إليهم التحرك كذبا ( البعض منهم نفى ذلك بشكل أخلاقي متعفف منتصرا للصدق على الكذب) لأن المقصود هو تشويه التحرك بقدر ما هو تأليب الناس على من نسب إليهم التحرك تزويرا..

من كانوا وراء التحرك حقا ومن كانوا وراء العريضة ضد الانقلاب تواروا اليوم عن الأنظار لان القيادة والزعامة لا تعنيانهم . ولكنهم كانوا بلا شك هناك موجودين كما يوجد أي مواطن حريص على سلامة هذا الوطن ضمن مواطنين لا فضل لأحد على أحد .

منذ الصباح وقبل الموعد المحدد وهو منتصف النهار اعتلى الشباب درجات المسرح وكانوا يؤدون دوارهم بحذق وحماسة. كانت شعاراتهم بلا شك مدروسة ومعدة سلفا ..كان أكثرها يجري حول رفض الانقلاب وكان البعض الأخر موجها إلى قيس سعيد بما يختزله هؤلاء الشباب في صدروهم من كراهية الاستبداد وقد تربى الكثير منهم على قيم الثورة .

كان كثير من المارين بالشارع يشاهدون المشهد. سألني احدهم وهو يستمع إلى الشعارات ولا يتبين معناها "ماذا يقول هؤلاء؟ " لا ادري إذا كان بوليسا بالزي المدني مدسوسا وسط المتظاهرين أو مواطنا مارا (على فكرة اكره الهوس الذي يعاني منه بعض المناضلين أو أشباه المناضلين بأنهم ملاحقون من الشرطة ) يريد أن يفهم ما يقع في هذه البلاد التي كثرت فيها الاحتجاجات حتى صارت عند كثيرين من التونسيين المشغولين بهمومهم عن السياسة ضربا من العبث، قلت له إنهم ضد قيس سعيد فهز رئسه وقال "خليو الراجل يخدم على روحو " لم أناقشه فانا اعرف أن مثله كثيرون وهم يحملون كراهية للمنظومة الفاسدة كما يسميها الإعلام الذي لا يقل عنها فسادا مع ما يزرع في عقولهم هذا الإعلام من أوهام وأحقاد .

الحضور البوليسي كان مدهشا : عشرات السيارات ومئات الأعوان الموزعين على شارع الحبيب بورقيبة الذي أغلق في اتجاه وزارة الداخلية مع ترك المقاهي مفتوحة . كانت السلطة تعرف بلا شك من خلال استخباراتها أن التحرك ليس وراءه أي حزب سياسي ( الاتحاد غائب يتفرج على الأحداث ) ولذلك خمنت انه لن يتجاوز العشرات غير أنهم فوجؤوا انه كان اكبر بكثير من ذلك، ولكن في كل الحالات ومن خلال المعاينة الميدانية لم يكن يمثل مشكلا امنيا ولذلك فان السماح به وعدم التدخل ضده هو اقل تكلفة سياسية من منعه او استفزاز أصحابه .

في قبالة المسرح البلدي اجتمع عشرات الأشخاص لا ادري إلى أي اتجاه سياسي ينتسبون غير أن الإعلام التونسي والدولي قال لنا إنهم من أنصار قيس سعيد ، الحقيقة أن شعاراتهم لم يكن لها علاقة بقيس سعيد أبدا بل كانت تعبر عن عدائها للنهضة أكثر من وقوفها مع الرئيس من خلال الشعار الرئيسي الذي رفع " يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح " و هو ما يعني أن هؤلاء يعتقدون أن من حضروا اليوم في المظاهرة ضد قيس سعيد هم من أنصار النهضة وهي كذبة شاركهم فيها إعلام فاسد وانتهازي فموقع كابيتاليس لصاحبه المعروف بموالاته لكل سلطة اعتبر العريضة التي انتشرت ضد الانقلاب باعتبارها عريضة النهضاويين والقريبين منها.. بلا حياء.

ماذا وقع اليوم في شارع الحبيب بورقيبة ؟

حفر ثقب عميق في جدار الصمت والكذب .. إن الشعب يساند الانقلاب ؟ . إذن فان أولئك الشباب الذين صرخوا اليوم بحب الثورة وكره الانقلاب والدفاع عن دستور الثورة من غير الشعب التونسي ..

كسر اليوم جدار الصمت ولن نسكت بعد اليوم ….

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات