الفصل 80 من دستور و التجارب المقارنة

اكثر من يتحدثون اليوم عن الفصل 80 من دستور 2014 ليس لهم ادنى فكرة عن صلة هذا الفصل بالتجارب المقارنة ( قانون الاستثناء في الدستور الفرنسي اساسا وسنعود الى هذا لاحقا ) وأيضا صلته بالتجربة الدستورية التونسية .

من المفيد أن نذكر هنا الفصل أن 80 من الدستور هو اعادة صياغة للفصل 46 من دستور 1 جوان 1959 مرفقة ببعض التعديلات التي فرضتها الثورة التونسية و قد كان مضمون الفصل 46 مدرجا في الفصل 32 في الصيغة الاولى لدستور 1959 الذي ينص على انه في حالة خطر مهدد لكيان الجمهورية و امن البلاد و استقلالها لرئيس الجمهورية اتخاذ "ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية تزول بزوال اسبابها و يرسل رئيس الجمهورية بيانا في ذلك الى مجلس الامة ".

لقد أعلن الآباء المؤسسون الذين حرروا دستور 1959 الجمهورية و اعتبروا المسّ بالنظام الجمهوري يمثّل خطرا يبرّر اتخاذ التدابير الاستثنائية التي تخضع للسلطة التقديرية المطلقة لرئيس الجمهورية ولم يحمّلوه واجب استشارة ايّ كان ولم يتعرّضوا لمسألة حلّ البرلمان من عدمه لكن تحول مضمون الفصل 32 إلى تنصيصات الفصل 46 بعد ان نقح بالقانون الدستوري عدد 37 لسنة 1976 ثم بالقانون الدستوري 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002 وبناء على الصيغتين الواردتين في تنقيح 1976 او 2002 وقع وصف الخطر بالداهم و انتزعت من رئيس الجمهورية السلطة التقديرية المطلقة وفرض عليه الدستور في صيغته الاخيرة أن يتخذ التدابير الاستثنائية " بعد استشارة الوزير الاوّل و رئيس مجلس النواب ورئيس المستشارين " و لا يجوز له حل مجلس النواب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة و وتزول تلك التدابير الاستثنائية بزوال اسبابها فيوجه رئيس الجمهورية بيانا الى الشعب.

لقد وقع اتخاذ التدابير الاستثنائية في 26 جانفي 1978 على معنى الفصل 46 من دستور سنة 1959 و رافقت هذه التدابير عمليات قمع شديدة اسفرت عن عديد الضحايا بين الموت والعجز البدني ففي يوم الخميس الاسود أصدر الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية أمرين مؤسّسين على الفصل المذكور.

– الامر عدد 49 لسنة 78 المتعلّق بإعلان حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية.

– الامر عدد 50 لسنة 78 المتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ.

وصدر امران بالتسخير مؤسسان على المجلة الجزائية وعلى مجلة الشغل جاء في طالعهما ان توقف العمل ببعض المؤسسات " من شأنه أن ينال من ال مصالح الحيوية للأمة " وهذا الامران هما :

- الامر عدد 51 لسنة 78 المتعلق بمنع المظاهرات والجولان بتونس العاصمة و أسس على الفصول 37 و 41 و 53 من الدستور وعلى القانون عدد 4 لسنة 69 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات و المظاهرات والتجمهر.

- صدر الامر عدد 47 لسنة 78 بتسخير بعض اعوان مؤسسات قومية تابعة لرقابة وزارة الصناعة والمناجم والطاقة و استعرض الفصل الاول من هذا الامر اسماء المؤسسات المسخر اعوانها وصدر الأمر عدد 48 لسنة 78 المتعلّق بتسخير بعض اعوان الشركة القومية للسكك الحديدية والشركة القومية للنقل و شركة تونس الجوية.

ولمواجهة الاحتجاجات الشعبية ضد الترفيع في سعر الخبز أصدر رئيس الجمهورية عملا بأحكام الفصل 46 من دستور سنة 1959 الأمر عدد 1 لسنة 1984 المؤرخ في 3 جانفي 1984 يعلن فيه حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية و أصدر الأمر عدد 2 لسنة 1984 المؤرخ في 3 جانفي 1984 بمنع المظاهرات والجولان بكامل تراب الجمهورية و تأسّس الأمر الثّاني على أحكام الفصول 37 و 41 و 53 من الدستور ثمّ صدر الأمر عدد 50 لسنة 1984 يلغي الأمر عدد 2 لسنة 1984 المذكور في هذه الفقرة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات