أفقت هذا الصباح الجمعة 21 مارس 2021 على صوت احد أفراد العائلة يقول لي :
-تنتظرك كما الشعب التونسي مفاجأة
-إن شاء الله خير؟
-قيس سعيد عزل كمال المدوري
-متى ؟
-اعلن عن العزل في الفجر
أصدقكم القول اني استغربت الأمر إذ لم تسبقه أي دلائل تشير اليه أو تسريبات توحي بقربه رغم انني صرت أعيش في بلاد لم يعد فيها لأحاديث السياسة أي معنى ولا أية مفاجأة فلا جديد تحت الشمس أما أهلها فصاروا كالمساطيل أو المجانين لا يعنينهم غير احاديث الكرة اللعينة فهم يعيشون على وقع من ارتقى ومن نزل في اعلى ترتيب البطولة تنتصب المجالس والبلاتوات أيام الأربعاء والخميس والأحد و الاثنين وذراعك يا علاف لمن تكون له الغلبة لإقناع المتفرجين بحظوظ هذا دون ذلك وبألاعيب الحكام والفار وضربات الجزاء التي أهديت لفرق الانتصار الدائم و حرم منها الفريق المقهور الذي لا سند له لا في الجامعة ولا في الرابطة.
• وتنضاف الى كل ذلك لتزيد من حمى الأفواه المكشكشة والأشداق المنتفخة المفتوحة على مصراعيها فضائح أخلاقية في شهر الصيام فهذا يبع…ص « » هذا على المباشر والأخر يرفع ذراعه قضيبا منتصبا في وجه الصائمين.
• وتثور ثائرة المنافحين عن الأخلاق الحميدة .الواقع إن مؤخرة فلان لا تستحق النقر أما يد الآخر المرتفعة قضيبا فتستحق القطع ..ثم تتصاعد الحمى ..هل يعاقب صاحب القضيب أو لا يعاقب بل إن هناك من يهمس أننا على شفا أزمة ديبلوماسية بين تونس والجزائر.
• في هذا الجو من الهستيريا الجماعية هل يمكن للتونسي أن يهتم بحديث السياسية ؟ وما الذي يمكن أن يحدث من جديد اذا جاء فلان وذهب فلان ؟ فالباقي على الدوام هو الأصل والآخرون فروع .. غابت تماما أحاديث السياسة فلا أحزاب ولا مجتمع مدني ولا مثقفون ولا بلاتوات ولا حوارات .فماذا يعنينا اذن من وزير رحل وآخر حل ركبه ؟ .
• رغم ذلك سارعت الى الحاسوب وفتحت مباشرة صفحة رئاسة الجمهورية.
• لدينا مجموعة من الفديوات : الفيديو الأول حول اجتماع مجلس الأمن القومي ..وضع الفيديو حوالي الساعة الخامسة صباحا .عفوا اذا كنت لم أشاهده في وقته فانا ممن ينامون مثل خلق الله بالليل ويفيقون بالنهار على غير من تضطرهم أعمالهم الاشتغال بالليل كالمشرفين على صفحة الرئاسة.
• تحدث رئيس الجمهورية لمدة نصف ساعة ليكرر قصة المؤامرة مثلما هو الأمر دائما ..لم أتوقف كثيرا عند محتوى الخطاب بل توقفت عند صورة لفتت انتباهي .تحدث رئيس الجمهوري كما يقتضيه البرتوكول والعادة وهو جالس على راس الطاولة وفي المحور. لم نر في أول الأمر غير صورته غير أنه بعد حوالي دقيقة انتقلت الصورة على يمين رئيس الجمهورية كان الجالس مباشرة على يمينه إبراهيم بودربالة ويليه كمال المدوري أوقفت الصورة وأعدت مشاهدة الفيديو من الأول ..وحتى لا أتسرع في الحكم بحثت في الغوغل عن فيديو مجلس أمن قومي اخر .. إذن الجلسة أصابها بعض التعديل ..حاولت تفسير الأمر مثلما حاول الكثير منكم تفسيره بعد ملاحظته بلا شك
• والحقيقة أن الأمر لا يحتاج الى تفسير ..قرر قيس سعيد إقالة المدوري الذي لا شك انه كان على علم بالموضوع ولذلك فقد المدوري مكانه الاعتيادي في المقعد الأول على يمين الرئيس باعتباره رئيس الحكومة أي يتقلد المنصب الثاني في نظام الدولة الرئاسي دون أن يغيب عن المجلس فالإقالة لم يعلن عنها بعد و لم تصر بعد رسمية. اذا ظل في المجلس ولكن في غير مكانه و بعلمه و « رضاه » كان الرجل في فجر ذلك اليوم في منزلة بين المنزلتين فلا هو رئيس الحكومة ليجلس في مكانه ولا هو خارج الحكومة ليكون خارج المجلس .. هل تعرفون من عوضه في مكانه .؟.وهل الأمر يحتاج الى سؤال ؟ وهل هناك غيره ؟.. : بودربالة م رجل كل المهمات ..
• هل أبقاه هناك فقط لمجرد محاكمته على المباشر ؟.
أما الفيديو الثاني فيعلن إنهاء مهام كمال المدّوري رئيس الحكومة، وتعيين سارة الزعفراني الزنزري خلفا له.
كما قرّر رئيس الجمهورية تعيين صلاح الزواري وزيرا للتجهيز والإسكان الذي أدّى اليمين أمامه أما الزعفراني فلا حاجة لها بذلك فهي أقسمت بعد بصفتها عضوا سابقا في الحكومة.
أما الفيديو الثالث فيقدم صورة عن اللقاء الأول بين رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة الجديدة.
أين ذهب المدوري؟ لم يعد له ذكر ولا مكان لا على اليمين ولا على اليسار ولا حتى على سبيل الشكر والتوديع . ؟
هل أسئلتنا هنا غبية ؟ هل حديثنا ركيك ؟ نعم بلا شك .. فهل مازال في البلاد إمكانية لحديث عقلي عن مراسم وبرتوكول واعتبار لكرامة الأشخاص وهيبة الدولة؟
أغلقت الحاسوب وتفطنت أن حديث الكرة افضل بكثير من حديث السياسية ..ففي حديث الكرة لدينا على الأقل من يصعد ومن يسفل حقا في اعلى الترتيب وفي مباراة ساخنة فيها فريقان يتنافسان و22 لاعبا أما في حديث السياسة فلا مجال إلا للاعب واحد ولا أفق غير النزول سافل سافلين مع يأس عام من الصعود في بلد استملح فيها الشعب القاع وحديث النقر من الخلف ..ولكن هل ندري حقا مثلما هو الأمر في مشهد الكرة وفي الملعب من يقترف النقر ومن هو من ضحاياه ؟