دفاعا عن الصحافيين وضد تحريض السلطة على الحريات

الاعتداء على الصحافيين، من هم على الميدان خاصة، مدان بكل المعاني فهم يؤدون واجبهم وليسوا طرفا في النزاعات السياسية حتى ولو كانت المؤسسات التي يشتغلون فيها ليست بالمرة محايدة، بل هي متورطة كل التورط مع سلطة الانقلاب ومن يشك في ذلك فليعذب نفسه بمشاهدة شريط الأنباء على الوطنية 1 وذلك بشهادة الهايكا ونقابة الصحافيين ذاتها..

نعم الصحافيون محايدون ومهنيون خاصة أولئك الذين يشتغلون وسط الجموع وهم معرضون لهيجانها وحماسها وأخطائها بل حتى إلى إجرام البعض من أفرادها.

الصحافيون يتعرضون كل يوم إلى شتى المخاطر وفيهم من يفقد حياته وهؤلاء لا يعنيهم سياسات مشغليهم فهم بلا شك لا يصنعونها بل لا يشاركون حتى في صنعها بل يصنعها مسئولون او ممولون لهم أغراض وحسابات لا تعنيهم أو يصنعها من سموا على رأس المؤسسات الإعلامية من قبل السلطات السياسية في المؤسسات الحكومية التي تدعي انها عمومية في بلدان السلطة المستبدة لخدمه من عّينوهم وبإمكانهم عزلهم بجرة قلم ..

الصحافيون مثلنا يشتغلون ويتقاضون أجورا مقابل عملهم ولهم أسر ويدفعون إيجارهم وفواتير الماء والكهرباء ولهم همومهم وهم منا وإلينا ولا نرضى أن تمس شعرة منهم .فهم أباؤنا وأخوتنا وأولادنا .

ولكن ما هي المظاهرة التي لم يعتد فيها على صحافي في تونس ؟ في كل المظاهرات التي وقعت سواء قبل 25 جويلية او قبلها شهدنا أعمال عنف ضد الصحافيين ؟

بل ما هي المقابلة الرياضية التي لم نشهد فيها مظاهر عنف ضد المصورين ؟ نشاهد ذلك بشكل متواتر في البرامج الرياضية في آخر الأسبوع نددت بها النقابة ورفعت قضايا في الغرض و ذلك أمر واجب فلا بد من محاصرة الظاهرة والوقوف ضدها بكل صرامة.

إما أن تستغل حادثة عرضية لا تختلف في شيء عن سابقاتها لتأليب جزء من التونسيين ضد جزء آخر في زمن الاصطفاف هذا أو لتأليب السلطة على المتظاهرين وعلى الحق في التظاهر فتلك مسالة أخرى ..

ولكم شواهد :

تعنون جريدة الشروق في منشيت في أعلى الصفحة يوم أمس 11 اكتوبر 2021 واصفة مظاهرة 10 أكتوبر : عنف وبلطجة وهمجية …

هذه هي مظاهرة 10 اكتوبر لم تر منها الشروق غير هذا ولا غرابة من جريدة احترفت الكذب والارتزاق .

يخصص شريط الأنباء مساء 10 اكتوبر حيزا زمنيا للاعتداء على الصحافيين أكثر من الحيز الذي خصصه للمظاهرة نفسها .

تطلع علينا نائبة رئيس نقابة الصحافيين التي لا خلاف لها ( أعني النقابة ) مع تدابير 25 جويلية لتقول لنا إنها تحّمل المسؤولية لكل حقوقي شارك في المظاهرة في خطاب يخفى حقدا على المتظاهرين المعارضين وعلى الحقوقيين خاصة ، أكثر مما يظهر تعاطفا مع زملائها ..

حنانيك سيدتي متى كان الحقوقي الحامل لقضية مسؤولا عن فعل واحد او مجموعة عنيفة مندسة وسط عشرات الآلاف من المتظاهرين ...؟ ومن قال إن الحقوقي الذي وقف مثل غيره أمام المسرح البلدي يوم 10 أكتوبر دعا إلى المظاهرة أو كان طرفا في تنظيمها ليتحمل مسؤولية جنوح من لا سيطرة له عليهم ؟

مع من مشكلتك يا سيدتي : مع مرتكب العنف أم مع الحقوقي ؟ يبدو انه اختلطت عليك المرامي فضاع نبلك في الهواء الطلق وأنت تصوبين على غير تبصر كمن لا يرى الهدف ولا يدرك الغاية ... خبط عشواء ويا للأسف... أيتها النقابية الحقوقية التي جعلت من الحقوقيين أعداءها او هكذا يبدو من خطابها .

يلتقط رئيس الجمهورية كل هذه الحملة ويتحدث بلغة التهديد عن إجراءات قريبة لمنع مظاهر السب وهتك الأعراض والاعتداءات على العامة والخاصة ...ماذا ينتظرنا من هذا التهديد ؟ لا ادري إذا كان الحجم الذي أعطي للحادث وهو عرضي لا يختلف عن كل حوادث الاعتداء على الصحافيين التي سبقت يتناسب مع الحادث نفسه ؟

أشك في ذلك، بل أكاد أجزم أن الأمر يخفى أغراضا تتجاوز الدفاع عن الصحافيين . يا سادة.. أيها الصحافيون ..أيها الأعزاء .. الدفاع عن أهل المهنة واجب مهني وأخلاقي، ولكن حذار إنكم تلعبون بالنار الحامية وسط فوضى السياسة ونزعات الاستبداد.

إن عدم التنسيب يجعلكم محرضين للسلطة ضد معارضيها ..محرضين للسلطة ضد الحرية .إن حماية الصحافيين مقدسة، ولكن الأكثر قداسة منها هي حرية التونسيين جميعا في التعبير وفي التظاهر.. تلك التي نحن في حاجة الى حمايتها في هذه الأوقات الصعبة . إنها مهددة بالفعل حين يدخل الكثيرون الى جحورهم مثلما كانوا يفعلون في زمن بورقيبة وبن علي وحين تسقط البلاد بالكلية في جحيم الاستبداد ..وهو أمر غير مستبعد بالمرة .

فلا تكونوا حطبا للاستبداد وذريعة للسياسي ليغتال آخر ما تبقى من حرية في هذه البلاد المنكوبة . غدا تكونون بعضا من ضحايا الاستبداد وشيئا من حطب في محرقته المشؤومة …

فحذار من عدم التنسيب ... ولكم بعد ذلك ونحن معكم ان تدافعوا عن اهل المهنة بكل الطرق التي ترونها صالحة ....

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات