ألم تشبع تونس من الانقلابات على هياكل القضاة ّ؟

هل عدنا مرة أخرى الى منطق الانقلابات على القضاء وهياكله بعد افتكاك بن علي وزمرته من القضاة الانقلابيين لجمعية القضاة وتنصيب هيئة انقلابية عوض الهيكل الشرعي سنة2005 ؟

ان إنهاء عهدة المجلس الأعلى للقضاء المنتخب ديمقراطيا من الهياكل المختلفة الممثلة داخله من قضاة ومحامين وعدول واساتذة جامعيين وخبراء قبل انتهائها القانوني واستبداله بهيئة وقتية او مجلس مؤقت في انتظار استكمال عناصر الانقلاب على تركيبة المجلس الدستورية وتغييرها خارج ما يقرره الدستور وربما بتوريط هياكل المهنة في الانقلاب من خلال استدراجها للمشاركة في صنع مرسوم لا دستوري يصنع بواسطته هيكل تابع خانع ، كل ذلك على وشك الوقوع.

إن مسالة الانقلاب على المجلس الأعلى للقضاء تتجاوز بكثير المعطى القضائي مباشرة لتمس طبيعة النظام الاستبدادي الذي تتوضح ملامحه كل يوم أكثر فأكثر .

نحن مقبلون على مرحلة هي عود على بدء …طاحونة الشيء المعتاد تنتظر القضاة . اما الانصياع والولاء او الوقوع في قبضة الماكينة الرهيبة للسلطة تشردهم وتهينهم وتقودهم حيث تشاء وتستفرد بمن رفض الانصياع منهم إلى أوامرها في ظل صمت مريب او انخراط من قبل مجتمع مدني مغرر به او مغلوب على أمره في حين قد يواجه القضاة الأحرار الالة الجهنمية التي ستعتصرهم والتي قد لا يكون للقلة منهم قبل بها اذا انفرط عقدهم او ضعف تضامنهم .وتضامن المجتمع بأسره معهم.

أخشى ما نخشاه أن تقود السلطة هياكل القضاة إلى المساهمة في الانقلاب في ما يشبه الملهاة المأساة التي تتجدد بعد انقلاب 2005 , تبتزهم وتؤلب بعضهم على بعض.

رغم ذلك كل الأمل معقود انه على شاكلة 2005 لن يستسلم القضاة وسيظلون يطالبون بانضباط جدير بالقضاة بما يقره دستور البلاد وقوانينها وما تؤكد عليه الأعراف والمواثيق الدولية. ان ما يحدث اليوم في تونس هو مثال آخر يجسد بكل المعاني الحرفية والرمزية عمق المأساة الملهاة الذي تعيشها تونس من خلال سلطة الحاكم القائمة على فصام الخطاب الرسمي المتبجح بتحقيق الارادة الشعبية في حين انه يعجز عن ستر سلوك سياسي يستعيض عن سلطة القانون بقانون سلطة لا تتحرج أن تنشر ضمن القضاة أنفسهم، حماة القانون، منطق الافتكاك والغصب و الانقلاب.

وهكذا تنقلب الأدوار في ما يشبه التراجيديا المفزعة فيصبح القاضي ضحية في بلاده لا يجد من يحميه في ظل نظام استبداد كامل العناصر حين كان يتعيّن أن يكون هو ملاذ كل ضحية، له يشتكي الجميع، وبه يقام العدل وتسترد الحقوق المغتصبة. اليوم تدخل تونس نفقا مظلما لا احد يدري متى وكيف ستخرج منه.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات