وحدها المحاماة استطاعت أن تهزم تشنّج الأيديولوجيات !

مرّة أخرى تجد المحاماة التونسية المناضلة نفسها في قلب المعركة السياسية ..ومرة أخرى ينجح المحامون في الغاء الحواجز الفكرية والأيديولوجية والتقدّم بثبات الى ساحة المعركة كتفا بكتف .. فعندما يكون عنوان المعركة هو الحرّية فان بقية الأشياء تتحوّل الى تفاصيل لا معنى لها .. لم يتردّد المحامون باختلاف مرجعياتهم الفكرية والايديولوجية في اسناد زميلهم الأستاذ المهدي زقروبة ..

ليس من باب الانحياز القطاعوي الاعمى ولكن من باب الوعي الكبير بخطورة اللحظة الراهنة التي يتمدّد فيها اللاعدل وتنحسر العدالة وتنكمش الى حدود دنيا وخطيرة مقابل تمدد السلطة التنفيذية في مساحة العدالة ونجاح هذه السلطة-للأسف - في كسر أحد جناحي هذه العدالة ألا وهو القضاء ..

ولكن المحاماة ورغم انتكاسة زمن بودربالة ، استطاعت أن تنهض من جديد وبسرعة قياسية لتقف في الصفّ الأول تذود بقوة عن الحقوق وتدافع بشراسة عن قيم الحرية والعدل ..شجاعة كبيرة وقدرة أكبر على تجاوز الخلافات وترميم البيت من الداخل رغم بعض الانحرافات والخيانات الصغيرة .

المهدي زقروبة ، يقف اليوم على خط المواجهة المباشرة مع وزيرة العدل ، دفاعا عن حريته واستبسالا في ضمان حرية غيره ، زقروبة المحامي الشرس في الدفاع عن منوّبيه والمنحاز الى الحرية دون خوف والى ثوابت المهنة المحاماة بكل ايمان وجد في زملائه السند عندما ضاقت مساحات الحرية من حوله !

وحتى تفهم معنى أن تكون محاميا يجب أن تفهم معنى أن يركض شخصا طوال اليوم من أجل حرية أحدهم ..من اجل اثبات براءة منوّبه.. انه مبعوث العدالة الذي لا ينظر الى جرمك أو جريمتك أو خطيئتك أبدا ..ينظر اليك فقط كانسان تستحق مثل غيرك الحرية وان لم تجدها في حكم براءة تجدها في محاكمة عادلة وفي عقوبة عادلة وفي ظروف سجن إنسانية ..

لتفهم قيمة ودور المحامي يجب أن تعيش محنة الظلم والخوف والندم والتوجّس والشك وأنت تجلس امام باحث بداية او قاضي تحقيق او في قاعة المحكمة دون وجود انسان الى جانبك يمنحك الثقة ويشعرك بأنك في أمان وأنه سيقاتل بشراسة من أجلك ..

في كل لحظات السماع او الاستنطاق الطويلة حيث تكون العدالة معلّقة على طرف لسان أحدهم أو على جرّة قلم ، وسواء كنت ضحية أو جلادا ، ظالما أو مظلوما .. في تلك اللحظات العصيبة وأنت تتكلّم مدافعا عن نفسك تكون نظرة محاميك اليك هي طوق النجاة الأخير.. تعابير وجهه ونظراته هي بوصلتك ..الأمر يتجاوز ممارسة مهنة أو اتعاب مادية ..فلا معنى لكل ذلك أمام علاقة إنسانية رائعة واستثنائية ..أمام مجهود سيكون نهايته تحقيق العدالة ..الحرية ..البراءة .. حتى في صورة الإدانة ..محاميك يبقى همزة الوصل الأخيرة بينك وبين العالم الخارجي !

أرى بعض السذّج يعايرون بعض المحامين بسبب المتهمين أو القضايا التي باشروها .. يلومونهم لأنهم دافعوا عن إرهابيين أو فاسدين أو قتلة او سفاحين ..ويا لحماقة الفكرة وسخف الموقف ..يا عزيزي المحامي ليس دوره أن يحاجج الناس أخلاقيا ..هو يدافع عن العدالة كقيمة مطلقة يجب ان يستفيد منها حتى أوضع البشر ..هو ليس مفتيا او راهبا في كنيسة او نبيا مرسل من السماء ..هو شخص مستعد لفعل كل ما يستطيع من أجل حماية موكله حتى ولو كان الشيطان ذاته .. وفي تلك الحماية تتحقق العدالة..

يعني لغة الترهدين و الاخلاقويات البائسة التي يتخفّى خلفها البعض راهي تنم عن جهل مدقع بأبسط الأمور .

يحق اليوم لكل محامي أن يكون فخورا بالانتماء الى مهنة صاحبات وأصحاب البدلات السوداء .. ويحق لنا كنخب واعية ببؤس وابتذال اللحظة أن نرى في المحاماة أملا يمكن أن نتمسّك به ..

ويمكن لبقية القطاعات المشتّتة أو المنبطحة أن ترى في هذا القطاع قدوة يمكن أن يقتدي بها ..أقول قولي هذا وأنا على دراية كبيرة بالخلافات والصراعات والتدافع داخل قطاع المحاماة ..ولكن نحن ننظر الى الصورة في بعدها العام .

• ففي المحاماة لا يمكن أن تقف على حياد في قضايا الحقوق والحريات ..

• وفي المحاماة لا يمكن أن تخون شرفك المهني وتتركهم يعبثون بالعدالة.

• وفي المحاماة لا يمكن أن تكون دون موقف او قرار ..

• تحية الى كل الثابتين والصامدين من أجل القيمة الأروع والاجمل في التاريخ البشري ..الحرية !

• قاتل دائما من أجل حريتك حتى تثبت انسانيتك ….

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات