مأساة المهاجرين غير النظاميين قصة مثالية يمكن أن تضرب اكثر من عصفور بحجر

لا يحتاج الأمر لبداهة أو ذكاء لاكتشاف تلك القدرة العجيبة في التملّص من تبعات السياسات الشعبوية بتخصيب قضايا قادرة على الهاء الجمهور العاطفي والانفعالي الذي لا يتفاعل مع الأحداث بطرح الأسئلة بقدر ما تستثيره غريزيا تلك الأحداث فنراه غاضبا، شتّاما أو شمّاتا..

يعني مثلا في ذروة تحركات احتجاجية و تململ بات يعبّر عن نفسه بوضوح من فشل ملتصق بأغلب القرارات السياسية التي باتت واهنة، مرتبكة، تفعل الشيء ونقيضه ، غير قادرة على إدارة المرحلة وتحدياتها الاقتصادية والاجتماعية حيث رافق الفشل السياسي، تصحير الحياة العامة في بعدها المدني والحزبي والسياسي مع إحراجات كبيرة تواجهها محاكمات الرأي للسياسيين والإعلاميين في لحظة مخجلة جدا من انكشاف الأكاذيب والأراجيف مع عجز تام عن إقناعنا بالجريمة المفترضة كان لزاما تخليق قصة والانشغال بها..

و كانت مأساة المهاجرين غير النظاميين قصة مثالية يمكن أن تضرب اكثر من عصفور بحجر :

الهاء الداخل ابتزاز الخارج

فصرف 54 مليون يورو كرصيد متبقي لدى دول الشمال مقابل خدمات تسييج البحر ومنع العبور لم يعد كافيا.. نحن نحتاج اكثر.. الموارد معدومة والشركات الأهلية لم تخلق الثروة والصلح الجزائي فشل و الاستثمار تبخّر والضغط على التوريد بلغ أقصاه و الشعب المفقّر لم يعد يستطيع دفع اكثر من ربع أجره لضرائب..

وكان الحل..

انظروا ألا ترون مدى معاناتي في مواجهة المشكل.. الكل يطالب بترحيلهم ولكن أنا "الإنساني" ملتزم بالعودة الطوعية (سياسة اثبتت فشلها ونتائجها ضعيفة جدا ) وعليه أنا احتاج الى المزيد من الأموال حتي أعالج المشكل .

وحتى تفتعل الأزمة لا بأس من فبركة بعض الأحداث ودحرجة كرة النار :

تتطوّع احداهنّ (دون سبب مباشر من حيث التوقيت) لدور "كونان" و تمشي تبربش في الزيتون، علما وانها هاذي موش خدمتها أو بشكل أدق هي ما مشاتش باش تقوم بدورها كما يليق بها.. هي مشت تخدم في خدمة الأمن والمختصين الاجتماعيين والنفسيين والهياكل الصحية.. تتسلل بينهم.. ثم تخرج علينا بتلك التصريحات السخيفة.. هي مشات لفرقعة الأزمة بذلك الفيديو وتلك التصريحات المحرّضة التي تقطر عنصرية وكراهية..

>

قاتلك سبيطار ودوايات وبرشه روستورنات وقهاوي ومشاريع تنموية صغيرة بالأمارة يبيعو في الدجاجة بخمسة الاف وقاعة سينما !

قاعة سينما يا بوقلب في الزيتون.. كيفاش يعني!!

هذا لكل لقيتو في الزيتون..دولة موازية في الزيتون توفر خدمات في مجتمع يعيش الكفاف الخدماتي !!!! فكرة عبقرية لاستثارة كل نوازع الكراهية والحقد!!

لا وفرحانه كي ما لقاتش مواد مدعمة على أساس الشعب لاقيها المواد المدعمة لهمو باش يلقوها المهاجرين.. تهني أحنا وهم نسلعو لكل من عند نفس المهرب اللي يجيب في السلعة م الدزاير.. غير انت مركزه في جماعة بوكو حرام .

ماشية تتدهمك في الزيتون على امل تتدعثر في واحد إرهابي من بوكو حرام وتعمل إنجاز جديد تزيديه لإنجازاتها في شبكات التسفير!! ولتعلن كذلك على إنجازها الإحصائي المذهل.. الخصوبة الإفريقية المتدفقة باش تهدد الخصوبة التونسية المنكمشة.. وهاني موش باش نجبد حكاية القبعات الحمر اللاحقة لأنها وحدها أم المهازل!

غادي الناس قالولها يا بنتي نحبو نمشو لأوروبا ونحبو نبدّلو التركيبة الديمغرافية متاع أوروبا !!

اوضحشي من هكا..

لكن هي كل مرة تزيد حويجة.. الاعلام المستهلك للمعلومة دون الحق في التأكد منها باعتباره ممنوع من دخول تلك المخيمات بأمر الدولة.. ينقل العنعنة دون تأكّد.. وزيد تتحرك الصفحات لتنفخ في الهشيم.. لحظة والنار تشعل.. و أربعه أيام على فرد نفس في نفس الموضوع..

وفي تلك الهيستريا الجماعية المستثارة غريزيا في مجتمع مضغوط ومقهور ومحبط لألف سبب وسبب بما افسد أخلاقه.. يا ويل من يحاول أن يتمسّك بإنسانيته وعقله و القيم البشرية المشتركة.. تقلو راهم بشر كيفك كيفهم وعندهم الحق في حفظ كرامتهم.. يقلك هزهم لدارك!!!

في هذاكا لكل لا تفعل السلطة شيئا.. لا تتدخل الدولة.. الكل يشاهد بصمت من فوق منتشيا باشتباك العوام وبلاهة الرعية.

هنا يفترض اشنوة الأسئلة اللي تطرحها الناس الواعية التي تحتكم على الحدّ الأدنى من قيمة المواطنة والإنسانية :

ثمه مشكل.. صحيح ثمه مشكل

إي انت دولة شرّعت لحدود باش يدخلو وما قمتش بدورك منذ البداية في حماية سيادتك الترابية.. وأوجدت المشكل.. وأمضيت اتفاقيات لا نعلم حيثياتها بدقة كشعب مع أوروبا وقاعد تقبض في الفلوس مقابل حراسة البحر.. اش تحبني أنا نعملك.. انت توه يلزمك تلقى الحلّ.. موش تخلي الحبل على الغارب والناس طالعة في الملاسين تصطاد في "المهاجرين".. هذا ما يجب أن نسميه تهديد للأمن القومي.

يعني انت تحكم وانا نحل المشاكل اللي انت أصلا سببا فيها.. كيفاش باش نحلها.. لا أدوات لي لفعل ذلك.. انت من يملك الأدوات والسلطة، علما وان المشكل لن يحلّ بالهسترة بل سيتعمق وكرة النار قد تتدحرج ابعد مما تريد و تتحول الى بركان وتنفلت الأمور تماما .. لأنك كدولة موش عارفه كيفاش تتصرف.. ما عندكش خطة لمعالجة الأزمة.. باهي هاي صارت الهستيريا الجماعية ومن بعد اش باش تعمل!!

أنا اتمسّك بمواطنتي وإنسانيتي.. و ضدّ التعامل العنصري مع المهاجرين.. ضد خطابات الكراهية.. ضد التحريض السياسي عليهم..ومانيش باش نهزهم لداري..واضح.. وانت كدولة يلزم تلقى الحلّ و موش دوري أنا باش نلقالك الحلّ..!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات