متلازمة الهوس بالمشاهير

الموضوع لا كان يهمّني لا كنت باش نحكي فيه أصلا ولكن لحقيقة بعض التعليقات والتفاعلات استفزتني واردت التعقيب عليها..

أولا: لنتفق أن الأحكام الاخلاقوية سواء في اتجاه "الصدمة" أو "الاعجاب" من هوس بعض الأطفال ببعض الفنانين وانفعالاتهم التي نراها مبالغ فيها أو يراها البعض تقصيرا من الأولياء في التربية الخ الخ وطبعا أحنا فالحين في الإفتاء و في المواعظ الأخلاقية… لا علينا.. موش موضوعنا.. قلت الأحكام الاخلاقوية دون محاولة فهم الحالة وأسبابها ما عندها حتى معنى.. اللهمّ محاولة استغلال أطفال لتنفيس بعض العقد سواء بالسخرية منهم أو استغلالهم أيضا لإظهار حالة من الانفتاح والتحرّر والقبول بواقع جديد يفرض نفسه اليوم من خلال أجيال السوشيال ميديا..

لكن قبول هذا الواقع الجديد والتعامل معه بأريحية يقتضي الفهم أيضا.. لأن ما نراه نحن عاديا قد يخفي إضرابات نفسية يجب معالجتها والانتباه اليها..

مبدئيا ظاهرة الهوس بالمشاهير لدى الشباب والمراهقين والأطفال وحتى الكهول، ظاهرة كونية، قادت البعض الي مراكز العلاج النفسي لأنها أصبحت تشكل خطرا على صاحبها وعلى المهووس به.. بل وتعرّض أصحابها الى مواقف فظيعة بسبب ذلك..

ربما البعض يتذكّر في مونديال قطر ذلك الموقف الذي رصدته الكاميرا لطباخ التركي المشهور "الشاف نصرت"صاحب رشة الملح الشهيرة وهو يتوسّل بطريقة تثير الشفقة لميسي حتى يقبل أن يلتقط معه صورة..

هنا يقول القايل، راجل كبير وبمخو ومشهور و ثري جدا ويملك سلسلة مطاعم عبر العالم، قادر يجيب ميسي بيدو يعملو عليهم إشهار.. علاش يحط روحو في ذلك الموقف.. الإجابة هي الهوس العاطفي.. والهوس مرحلة تفوق بكثير الحب والعشق لتتحول الى سلوك مرضي..

في عام 2000 ثمه طبيبة بريطانية اطلقت على هذا الاضطراب السلوكي متلازمة الهوس بالمشاهير وهي لا تقتصر على عمر محدد واليوم نرى أثارها على الأطفال بحكم مواقع التواصل الاجتماعي.. ذلك الاضطراب قد نري بسببه من يبكي ومن يغمى عليه و من ينزع ملابسه.. لا يكون في شعوره الطبيعي..

المختصون النفسيون يفسرون ذلك بعدة عوامل حتى بالنسبة للأطفال ومنها الوحدة، العزلة، عدم الثقة في النفس وعدم تقدير الذات الخ الخ…

الإعجاب بالمشاهير بالنسبة للمراهقين والأطفال قد يكون عاديا ومنطقيا لأنهم يعتقدون أن تلك الحياة اللامعة التي يرونها على مواقع التواصل هي فعلا حياتهم الحقيقية.. وبالتالي أولئك المشاهير يصبحون بالنسبة لهم القدوة والمثال ورمز النجاح.. ويتعمق الأمر اكثر اذا كانت حياة المراهق خاوية أو غير سعيدة أو لا يثق في نفسه !

ماذا يفعل..

يهرب الى عالم المشاهير المثالي بالنسبة له ويتعلق بقدوته و يتماهى معه.. حتى أن البعض يصبح شغله الشاغل في الحياة ذلك المشهور.. أين ذهب.. ماذا فعل.. لونه المفضل.. ماذا يكره ويحب.. ينشغل بكل ذلك ويهمل حياته ودراسة..

لكن مع ذلك مرحلة الإعجاب في المتلازمة ليست مقلقة لأنها يمكن أن تنتهي بموقف.. كأن يبكي الطفل أو المراهق عند مشاهدة نجمه أو يغمى عليه.. أو يصرّ على الصعود معه الي الركح..

كل ذلك عادي ويمكن إبقاءه تحت السيطرة..

الخطر يبدأ اذا وصلنا الى مرحلة الهوس.. حيث تبدأ مرحلة فقدان السيطرة عن النفس واليأس والاكتئاب بسبب الوعي بأن المهووس به بعيد جدا.. صراع العقل والعاطفة هناك قد ينتهي بمحاولة الانتحار!

وتزيد المأساة في مرحلة الهوس اذا بلغنا حالة "الإيروتومانيا" Erotomania.. وهي حالة يفسّرها علم النفس بانها اضطراب نفسي معقد. يتوهم فيه صاحبه بأن النجم او المشهور يكنّ له حبّا سرّيا وان كل تصرفاته وسلوكياته هي إشارات خفية منه اليه!!! في هذه المرحلة تكثر الأوهام ويختلط الخيال بالواقع ونصل مرحلة شديدة الخطورة في الاضطراب النفسي..

وعليه بعض المشاهد التي رأيناها وسنراه لها تفسيرها العلمي والمنطقي.. ووجود الأطفال في القصة لا يجب أن يصدمنا.. فقط لأننا نحكم بمعايير جيلنا.. هم أبناء جيل السوشيال ميديا.. ينضجون سريعا.. أذهانهم تكبر بشكل اسرع.. حتى قصص الحب الطفولية يعيشونها بشكل ابكر.. المطلوب هو التفهّم والإحاطة.. والحذر من المبالغة لأنه لو زاد الأمر عن حدّه يعني هناك مشكل ما!

دور العائلة وحتى المجتمع (نحكي على الناس الواعية) هنا ليس التقريع والتأنيب أو التأديب.. فكلها فاشلة.. دور العائلة الاحتواء ومحاولة التفهّم والبحث عن حلول.. والاهم الوعي الكامل بالسياقات والبيئة المحيطة اليوم بالطفل أو المراهق أو الشاب..

يلزم تخدم على شخصية الطفل.. وراهو كي يجيب في معدل باهي والا عاقل يعني عندو شخصية.. الشخصية حاجة أخرى .. زاد تخدم على ثقته بنفسه

مجتمع العيب.. ووه.. واحنا ما تربيناش هكا.. و تضحك عليك الناس.. والخوف من الآخر الخ.. ما يمشيش توه.. تغيّر المجتمع والأسرة والعالم مع الوقت خلّى الأطفال عندهم هشاشة نفسية كبيرة رغم النضج المبكّر في الفهم والمعرفة.. ولكن الشخصية يلزمها برشه خدمة ووعي.

وبربي كلمة أخيرة:

كوسيلة إعلام راك ضدّ أخلاقيات المهنة تماما كيف تهبط فيديوهات لأطفال وتعرضّهم لذلك الكم من السخرية وحتى الشتم.. كل ذلك من اجل مشاهدات تافهة.. وبئس المشاهدات!! زمن تمرميد المهنة فعلا وقولا !

احشمو واحترمو أرواحكم علما وانو بالقانون أي شخص يتم الاعتداء على حياته الخاصة بتصويره دون إذنه ينجم يشكي بيك وكان جينا في بلاد أخرى يفلسك بالتعويضات اللي باش يأخذهم ومع الأطفال يصبح الأمر جريمة أصلا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات