في ذروة هذا الخواء الداخلي الذي أصبحت عليه واستهلكني كليا وافقدني حتى القدرة على التفاعل أو ترتيب أفكاري ، اجد في نفسي بعض القوة لأقول ما يتوجّب عليّا قوله من منطلق إيماني بمواطنتي وبأن هناك دائما ما يجب أن نتمسّك به وندافع عليه لأخر نفس.. وما أريد قوله ملاحظات سريعة على هامش أحداث ثقيلة و مؤلمة في التفاعل معها :
* ما يحدث مع احمد صواب لا يمكن إلا أن نخجل منه كمجتمع عجز عن حماية نخبه الشجاعة التي وهبت نفسها للدفاع على قيم المواطنة لأفراده وعن إعلاء القانون الذي يحكمه و كرّست كل حياتها لحماية حقوقه وحرياته.. مع احمد صواب لا تُطرح قضية الاختلاف أو الاتفاق معه ومع أفكاره.. ما يجب أن يُطرح ودون أي "لكن" أن قامة من قامات تونس تُهان بشكل غير مسبوق و توضع الأغلال في يد رجل عاش حياته من أجل إنفاذ القانون وحسن تطبيقه واليوم يلاحق بعد ليّ عنق هذا القانون ودهس العدالة.. يقول العوام أن لا احد فوق القانون.. صحيح.. ولكن عندما يكون القانون كما طبّقه احمد صواب وهو قاضيا لا يخشى غير ضميره.. وكما دافع عنه في الفضاء العام وهو محاميا دون أن ينظر لمن يكون المستفيد من دفاعه .. عندما يكون قانونا يسعى للعدالة وليس للتشفي والانتقام وإلجام الأصوات الحرّة سنحترم ذلك القانون ونلتزم به ونقبل بإنفاذه دون اعتراض !
* في علاقة بوفاة الرئيس الأسبق فؤاد المبزّع-رحمه الله- وتجاهل الدولة الرسمي لخبر وفاته.. كان الأمر قمّة في التنكّر والجحود وفي إهانة الدولة كجهاز ومؤسسات وليس كمنظومة حكم وأشخاص ..وفي الحقيقة أنا لم أتوقع غير ذلك.. لكن حتى يطمئن من استاء من ذلك و يقلق من تعمّد فعل ذلك ،أقول "ذاكرة الدول تحتفظ بمواقف الرجال وإنجازاتهم وما صنعت أيديهم .. وفؤاد المبزع منحته الحياة فرصة ليكتب سطرا محترما في تاريخ البلاد سيذكر به دائما.. أما غيره فسيقترن اسمه دائما بأشياء سيئة وبشعة جدا لن ينساها التاريخ أو ذاكرة الدولة".
في النهاية يمكن أن تغيّر رواية الحاضر لصالحك باستعمال كل أساليب التعسّف وليّ عنق الحقيقة ولكن عندما يكتب التاريخ القصة ستكون منصفة جدا وستضع كل واحد في المكان الذي يليق به!