جنين: قصة صمود اسطورية

جنين في المحنة الفلسطينية من النكبة الى النكسة الى الطوفان ليست مجرّد مخيم متمرّد على كل اشكال الذل والاحتلال..

هي قصة صمود اسطورية وفعل مقاوم لا يكلّ ولا يملّ وثأر يتوارث.. وكل جيل يحسّن ثأره ويخترع له لغة وادوات واشكال ثبات مختلفة.. في جنين لم يسمحوا للأطفال ان يكبروا على مهل.. كل طفل يولد يلتقط بندقية ويصبح رجلا على جبهة الحرية.. اذا كانت غزّة تقتطع من لحمها وتقاوم، فإن جنين تعود دائما لتشهد ركوع الغزاة المحتلين.. ذات اجتياح وحشي في بداية الالفية وقفت جنين لتقبر كل احلام السفاح المقبور شارون دفعة واحدة وتحوّلها الى رماد.. صمدت جنين صمودا لم ينساه التاريخ ابدا رغم انفراد الوحوش بها بعيدا عن انظار العالم.. قاومت جنين الموت وفقأت عين محتليها.. دحرت سفاح الكيان الاشرس وهزمت عنجهية الاعداء وعادت لتقف بثبات على جبهة الحرية ،فعندما يصمت الجميع تتقدم جنين للمواجهة..

أرّخ لكل ذلك السينمائي الفلسطيني مصطفى بكري في فيلمه "جنين" والى اليوم ما زالت تلك الجملة التي قالها ذلك الشيخ الفلسطيني في الفيلم تتردد في ذاكرتي "كلما ننجب طفلا بقتلونه وكلما نبني بيتا يهدمونه.. هم يقتلون ويهدمون ونحن ننجب ونبني".. وشَدت ميس شلش- صوت الانتفاضة الفلسطينية برائعتها "جنّ جنونه يا جنين" وجنّ فعلا وقتها شارون لأنه لم يكن يعلم من يقاتل..فجنين لا تُهزم ابدا.. جنين تجدّد عهد الحرية وتمضي للثأر مشتبكة.. وهل للاشتباك من معنى خارج جنين ! وهل ما زالت العودة حقّا فلسطينيا بعيدا عن جنين..!

هي قصة انتقام مستمرة لضحايا كل الوجع الفلسطيني.. كتلة نار مشتعلة في وجه الاعداء لا تهدأ ولا تلين ولا تُكسر.. واذا كانت غزّة اعادتهم مهزومين بقادة جيوشهم وبقياداتهم السياسية، فجنين حاضرة لتوقّع الهزيمة بعلامة النصر !

ختم محمود درويش كلمة كان ألقاها في تظاهرة "حاصر حاصرك" الذي نظمتها جريدة "السفير" اللبنانية دعما للانتفاضة الثانية في بيروت بهذه القصة التي تلخّص كل فلسفة الفلسطيني المقاوم :

" اتصل مقاتل من مخيم جنين المحاصَر بصاحبه خارج المخيم قائلاً: احكِ لي نكتة لأضحك قبل استشهادي. قال صاحبه: كيف تضحك وأنت على حافة الموت؟ فقال: لأني أحب الحياة، أريد ان أودعها ضاحكا.. إن شعبا يحبّ الحياة الى هذا الحد، لن تخذله الحياة، ولا بدّ له من أن ينتصر"

ومن هناك أتت أبياته الاشهر :


ونحن نحب الحياة ..

إذا ما استطعنا إليها سبيلا ..

ونرقص بين شهيدين ..

نرفع مئذنة للْبنفسج بينهما أو نخيلا ..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات