واشنطن تلغي تأشيرة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو وتأمره بمغادرة نيويورك بعد أن وصمته بالمتهوّر والمحرّض !
غادر غوستافو بيترو الولايات المتحدة الأمريكية لكن خطابه من على أعلى منبر الجمعية العامة سيبقى صداه يتردّد في العالم لسنوات وسنوات.. فلم يحدث أن هزت صرخة قائد، المنبر الأممي، منذ صرخة غيفارا الأخيرة منتصف الستينات : “patria o muerte" "الوطن أو الموت".
ولكن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو فعل..!!
أعاد تفكيك المفهوم وتوضيح الفكرة وكيف يكون الوطن او الموت.. بل من قلب نيويورك و في سابقة لم يجرؤ عليها أحدا قبله، قاد مظاهرة من أجل الحق.. فعندما يكون الوطن محتّلا يكون "التفاوض" مسخرة و "قرارات الحبر" مهزلة.. فقط ما يجب فعله هو الاشتباك الى أخر رمق.. دائما وأبدا "للحرّية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق" !!
ولا حقّ يعود لصاحبه خارج هذه المعادلة..
بيترو اليساري الثائر الذي جرّب القتال الفعلي مع مجموعات مناهضة للحكم في بلاده و من أجل فكرة الحرية، اندفع الى القضية بكل عمقه وبكل ذرّة في كيانه..
لم يجمّل كلماته ولم يلتزم بالضوابط و بالمصافحات المتملّقة ولم يقف الى جانب "السيّد كاوبوي" ليهينه ببضع كلمات ثم يمازحه بابتذال ! قبل أن يصفع قفاه بصفقة "باترويت" ويجبره على توقيع اتفاقيات نخّاسة السوق!
بل وقف معتدا على المنبر الأممي دون أن يضع ربطة عنق ودون أن ينتظر من يهتف له ليخبر المظلومين انه هناك دائما الى جانبهم حتى لو تخلّى عنهم كل العالم..
كان يتحدث بثقة وحسم وكأن روح الرفيق غيفارا تلهمه من مرقده في "سانتا كلارا" الكوبية.. وكأن صوت الثوّار الذي ما زال صداه يتردّد من أعلى قمم جبال الأنديز يمنحه القوّة و يسند قراراته .
غوستافو الذي هدّد بالتخلّي عن جنسيته الإيطالية احتجاجا على مواقف أوروبية متخاذلة كان يريد أن يكون مواطنا متحرّرا من الجغرافيا.. فكل شبر مظلوم في هذا العالم هو وطنا للثوار..
"مواطن للأراضي الحرّة" كذلك يرغب أن يكون غوستافو !
"كن شرسا وأنت تدافع عن الحق فهذا العالم المتوحش لا يحتمل المزيد من الجبناء " هكذا قال غيفارا وهكذا تماما كان غوستافو.