من سيجبر ضرر هذا الانسان؟

Photo

والآن هل سنعتذر لذلك الانسان الّذي هتكنا عرضه ونهشناه كما لا يفعل ذلك حتّى الحيوان؟ أيّ توحّش أصابنا وأيّ مرض وأيّ عمى ألوان؟

أشعث كثيف اللّحية أسمر البشرة، ثيابه رثّة أوجده حظّه العاثر في مكان الجريمة صدفة ليُقتاد مشتبها فيه، وقد يبرّر ذلك بوقع الصّدمة في إطار السّعي للبحث عن الحقيقة وكشف أوراق اللّعبة، فاذا بصورته تنتشر كما النّار في الهشيم على صفحات العامّة والنّخبة في زمن الدّجل والنّذالة والخسّة.

هذا هو الارهابي الرّابع العفن الوحش المتوحّش، الجرذ الحيوان الّذي يجب أن يسحل ويعلّق جسده على أبواب المدينة لتأكل من رأسه الطّير! هذا هو الّذي كانت له صورة مع شيخه الخرّيجي!

هذا من كان يوجّه الارهابيين الثّلاثة الآخرين وهو من استقطبهم ودفعهم للجهاد ضد " الطّاغوت" الكفّار ابتغاء الفوز بحور العين! اللّعنة على حقوق الانسان وحتّى الحيوان وتبّا للحرّية والدّيمقراطية و ثورة"البرويطة" الّتي أتت بالإرهاب و "الاخوانجية"!

محاكم تفتيش أُقيمت على عجل ومقاصل أُنشئت وعقول أبدعت في ايجاد وسائل التّعذيب كما فُعل في الموريسكيين أو في سجن أبو غريب ولم يساورهم أدنى شكّ في كون الرّجل ارهابي ابن ارهابي وتلميذ ارهابي وصاحب ارهابي، هيأته، لحيته، سحنته، بشرته، تكفي للحكم عليه.

فوزي السعيدي الّذي لسوء حظه لم يكن له من اسمه شيئا، ثبت أن لا علاقة له بالحادثة الارهابية الشّنيعة الّذي ذهب ضحيتها أحد عناصر الحرس المرابطين السّاهرين على أمننا ، الشّهيد بإذن الله سامي مرابط و أصيب خلالها زميله الوكيل رامي الامام بجراح خطيرة و نتمنّى له شفاء عاجلا و تامّا، عملية ارهابية من بين منفّذيها الثّلاثة شقيقان في العشرينيات من عمرهما ميسورا الحال، أحدهما متزوّج حديثا و كلاهما عُرفا سابقا بالمجون و حياة اللّهو كجلّ أدوات تنفيذ العمليات الارهابية الّذين في الغالب هم من أصحاب السّوابق و المنحرفين و مروّجي الخمر و "الزّطلة" و متعاطيها انقلبوا بين عشية و ضحاها الى أئمّة و متفقّهين يفتون و يُكفّرون و يفجّرون و يذبحون .

فوزي مواطن بسيط منسي في وطن لا يحترم مواطنيه، عامل كادح يسعى لقوت يومه، يعمل ليلا في أحد المطاعم وزوجته تقضي يومها في صنع الخبز تتقاسم معه حلو الحياة ومرّها صحبة أبنائهما الثّلاثة.

فوزي لم يكن الضّحية الاول في تهمة الوصم والحكم المتسرّع ولن يكون الأّخير فقد سبق أن تعرّض لذلك مواطن آخر يعمل بحضيرة بناء في عملية باردو الارهابية منذ سنوات.

الشّكل كان حاسما ولا يمكن تصنيف هؤلاء المشتبهين الّا بالوحوش ونزعهم كلّ صفة انسانية. من سيجبر ضرر هؤلاء أم أنّهم هوامش لا يستحقّون اعتذارا بل كما يعتقد بعض المرضى المهوسون بالإقصاء لا يستحقّون التّواجد والبقاء؟

نفس الغوغاء، ذات الميول التسطيحية والأحكام الانطباعية النّمطية المتسرّعة والجائرة والجارحة هي من أصدرت أحكاما متناقضة مع الأولى في قضيّة بلطجة احدى الحسناوات ذات البشرة الشّقراء والعيون الزّرقاء والشّفاه المنتفخة والشّفرات المطوّلة والشّعر الذّهبي المصفّف والأظافر المطليّة، لا يمكن لمثل هذه أن تكون مجرمة حتّى ولو شوّهت وجه ضحيتها واعترفت بذلك!

انتصب المدافعون عنها والمبرّرون لفعلتها بل تطوّع آخرون لتحمّل جرم ما ارتكبته بينما تمنّى آخرون لو كانوا هم ضحيتها! مجرمة جميلة ستبقى في عيونهم المصابة بالحول جميلة ومنزّهة عن كلّ فعل قبيح أو مُنكر. عنصريّة مقيتة وتجل للتّهميش و "الحقرة" وخطاب الحقد والكراهية وتكريس للفروقات الطّبقية والجهوية.

كان على فوزي أن يحلق لحيته بالموسى ولم لا يستعين بالسكّر وينمّص حاجبيه ويصفّف شعره ويلبس الجين الضيّق الممزّق ويوشّم زنده ولم لا ينتعل كعبا عاليا ويميس في مشيته ويصفّر بشفتيه المطليتين بالأحمر ليمرّ صدفة أمام حادث مماثل ولا يثير الشّبهات!

الارهاب لا يعالج بمثل هذه الترّهات و الأطروحات و المقاربات، و عدم السّعي للتّعامل مع أسبابه العميقة من جهل و تصحّر ديني و فقر و تهميش وظلم اجتماعي و أياد خارجيّة عابثة متآمرة مع أخرى داخليّة جعلت منه استثمارا و زرّا يُضغط عليه كلّما تعرّضوا الى أزمة ، ستجعل منه ظاهرة تغيب لفترة لتبرز حينما يراد ذلك، فالرّيبوتات، تلك الكائنات المشوّهة الهجينة المتوتّرة و المندفعة و غير المتوازنة المُفرّخة من ماكينة صدئة و النّتيجة المباشرة لمنظومة الفشل و التّدمير الممنهج للإنسان و للقيم من السّهل استنساخها أو توجيهها و تفعيلها ، و تبقى دوما أدوات تنفيذ لأجندة الارهابيين الحقيقيين من هم فوق الشّبهات ، و بعضهم ذوو وجوه تلمع و بربطات عنق أنيقة و ببدلات من آخر الصّيحات!

وبعضهنّ من غير ذوات"البرقع" تخالهنّ عارضات أزياء!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات