من منّا لا يعرف محمّد صلاح أيقونة كرة القدم المصرية و العالميّة، تجاوزت شهرته الآفاق و الجميع يشهد بعلوّ كعبه و يستمتع بأهدافه و لمساته الحاسمة و مرواغاته حتّى صار مثالا و قدوة لملايين الشّباب الباحثين عن نجاح في بيئة لا تنتج سوى الفشل و اليأس و الإحباط.
كانت نجاحات محمّد صلاح في ميادين اللّعب و اللّهث وراء كرة منفوخة بالوهم،لم تذكر له آراء أو مواقف مثل الّتي عبّر عنها السّاحر أبو تريكة مثلا و الّتي كلّفته وضعه على قائمة الإرهاب.
*
محمّد صلاح كان المثال النّمطي الّذي استغلّه النّظام المصري الرّسمي ليلمّع وجهه القبيح يثبت من خلاله أنّه غير عقيم و يمكن له تحقيق بعض النّجاحات و لو كانت تلك في ميادين اللّهو و اللّعب،و استعمله كأداة لتزييف الوعي و التّغييب و ليسوّق له كحلم أقصى يمكن أن ينتاب مخيال شباب مهمّش انسدّت أمامه الأفق.
كان كلّ شبيه لمحمّد صلاح يرتزق من شبهه الخلقي به و ربّما الكثيرون ممّن يحملون اسمه يفتخرون بذلك و كثيرون آخرون يتمنّون أن يكونوا مكانه أو يسيرون خطوات مثله في طريق الشّهرة و النّجاح و جني الأرباح،فماالّذي جعل محمّد صلاح ابن القاهرة صاحب الإثنين و عشرين ربيعا يختار طريقا مختلفا و يفعل نقيض كلّ ما يسعون لنشره و تكريسه و تعميمه؟
كيف تصرّف ابن الجيش المصري الّذي غيّروا عقيدته و حوّلوه إلى حارس لحدود العدوّ و أداة للقمع،عكس ما يراد غرسه في ذهن أفراده و منتسبيه؟
كيف تسلّل البطل الشّهيد و قتل بسلاحه القديم البسيط ثلاثة من جنود الاحتلال و جرح اثنين و هم مدجّجون بأحدث الأسلحة و أشدّها فتكا؟
كيف لم تثمر سنوات من التّدجين و التّطويع و التّطبيع في تكريس ثقافة اليأس و الهزيمة و الرّضوخ للأمر الواقع و التّسليم بأنّ العدوّ المغتصب المحتلّ تحوّل إلى صديق حميم؟
كيف لم ينجح محمّد صلاح الأيقونة المزيّفة في مراوغة وعي محمّد صلاح الأيقونة الحقيقيّة؟ هي العقيدة و الفطرة، و ما في القلب في القلب، تسلم الأيادي.