سادتي الكرام،اصحاب الفخامة والسّعادة العظام، ابطالنا و قادتنا و عزّنا و فخرنا و سرّ سعادتنا، من كتبتم بماء الذهب تاريخنا المشرّف المشرق فابتسمت لكم الشمس أخيرا تعبيرا على الرّضا و تسليما لكم بعلوّ المقام ،ما لكم ؟ماذا أصابكم؟
لماذا تذمّرتم و بانت على صفحات وجوهكم الكريمة علامات الضّجر و القلق عندما أطال قائدنا الكلام؟ و كيف لقائد و زعيم ملهم و مخلّص منقذ و بطل همام أن لا يطيل الكلام؟
هل تريدونه أن يلتزم بدقيقتين و يسلّم رئاسة قمّة القاع إلى المضيّف و لا يستعرض موهبته في الخطابة و النحو و الصّرف وينافس سيبويه و يعرض ما توصّل إليه من حلول لقضايانا، بل لمجمل مشاكل الأنام؟
و من فيكم من التزم بوقت أو مدّة؟
ألا تلتصق مؤخّراتكم الكريمة بالكراسي النّاعمة المفروشة بالحرير و ريش النّعام و لا تتركها إلّا و هي عظام؟ و ماذا لو أطال في الكلام و اغتصب المعاني و زنا بالكلمات و كان خطابه ركيكا ممجوجا ،ثرثرة في وقت ضائع من زمن غابر، و هلوسات و بيع للأوهام، ما كان لكم أن تتذمّروا و فيكم من تلاعب بأصابعه و فيكم من نام؟
هل يليق هذا أن يصدر من حضراتكم المصطفين أصحاب السّيادة و الرّيادة المبعوثين الملهمين و قد كتبتم بأيديكم على اللّوح و أمليتم بأنفسكم بأنّكم الحكّام،فكيف تشعروننا بتذمّركم وقلقكم نحن الرّعاع و العوام؟
ألا تعلمون أنّنا نتذمّر لتذمّركم و نقلق لقلقكم كما نحزن لحزنكم و نفرح لفرحكم و نتنفّس برئاتكم و نتغدّى بأفواهكم و نمشي بأقدامكم و نقضي حاجاتنا و نتناسل بأعضائكم و لا نفكّر البتّة فقد كفيتمونا شرّ التفكير و سوء المآل و المقام؟
لطفا سادتي بأجسادكم فما يصيبكم يصيبنا حتّى و إن كان قلقا أو حتّى زكام!
و في الختام بعد التّعبير عن فائق التّقدير و الاحترام و الامتنان لمجهوداتكم الّتي أوصلتنا إلى قاع القاع بربّكم هل فيكم من لا يملك سوى الثرثرة و الضراط و صواريخ طلق الرّيح العابرة للتّاريخ لتخرجوننا منه و تجعلوننا محشويين في زاوية الفراغ و النّسيان بعد أن كنّا من كتبته و صنّاعه و تحسبون أنفسكم أنّكم تحسنون صنعا؟؟
هل لأحدكم صنيعا آخر غير كلام بلا روح و لا معنى و بيع للأوهام؟