أولاد كوفيدة

Photo

خبران مفرحان في جوّ مليء بالأحزان، يبعثان فينا أملا متجدّدا في أنّ ما يجري ليس عبثا وقد يفضي إلى خير ممّا كان.

الدكتورة الهام بوطيبة رئيسة قسم الأحياء الدّقيقة بمستشفى شارل نيكول نجحت وقسمها في التعرّف على الحمض الريبوزي لكوفيد19، أمّا الخبر الثّاني فهو نجاح فريق تونسي من المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة في ابتكار وصناعة جهاز تنفّس اصطناعي ومولّد أكسيجين عالي التدفّق في وقت قياسي وبتكلفة أقلّ من 25%من سعر الاستيراد، الجهاز وقع تسليمه لقسم الإنعاش الطبّي بمستشفى فرحات حشّاد بسوسة بحضور وزيري الصحّة والتعليم العالي.

الخبران يؤشّران إلى دلالات عميقة لا تغيب عن ذهن ذي عقل سليم وأنّ إمكانية الفعل والإبداع ممكنة متاحة لو توفّرت إرادة حقيقية لذلك وأنّه بإمكاننا أن نتخطّى بؤس واقعنا المتّسم بالتخلّف والخمول والتّبعيّة والسّلبية.

بالطّبع وكما اعتدنا فانّ كلّ فرحة لا يمكن أن تمرّ دون أن ينغّصها غربان الشّؤم ويلوّثها خفافيش الظّلام، هكذا وفي ظلّ هذا الجهد المبذول لتخطّي الأزمة يطلّ علينا دوما من يريد أن يطيل في عمرها ومن لا ينتعش الا في ظلّها و يتمعّش منها.

ممثّلا للشعب ووزير سابق للتربية يخرق الحجر الصحّي وكان عذره أقبح من ذنب وكأنّه يريد أن يجسّد البيتين المعروفين: إذا كان ربّ البيت للدفّ ضاربا. فشيمة أهل البيت الرّقص.

أمّا وزيرة ما يسمّى بالثّقافة فقد ارتأت أن تغرّد خارج السّرب وتكون لها سياستها المنفردة والمتعارضة مع التوجّه العام للحكومة وللمجموعة الوطنية في توخّي الحجر الصحّي والتّباعد الاجتماعي وتسمح لفئة بأن تتجمّع لتعرض علينا ما ستنتجه من تفاهات خلال شهر رمضان الكريم.

و الحقيقة أنّ هذه الظّاهرة هي ليست تونسية حصريا بل تشهدها مصر و العديد من الدّول العربيّة، ففي مصر مثلا الّتي توصّلت الى علاج ناجع للكورونا بالشالولو و هي الّتي وفّرت سابقا علاجا للأيدز و التهاب الكبد الفيروسي عن طريق أصبع الكفتة،يناقشون في جواز الإفطار في رمضان و يجعلون من المسلسلات خطّا أحمر و من المقدّسات.

نعم يمكن مناقشة كلّ شيء إلاّ قطع تسلسل إفرازاتهم المسمومة والمتعفّنة والحاملة لكلّ أنواع الطفيليات والبكتريات والفيروسات.

مازلنا نعاني من فعلهم المدمّر للمجتمع والكينونات، من تغييب للوعي ونشر للجهل وتخريب للقيم وإفساد ممنهج وتطبيع مع التّفاهة وسوء الخلق وكنّا نعتقد أنّنا في غنى عن أموال تهدر كان من الأجدر صرفها فيما يفيد النّاس في هذا الظّرف العصيب غير أنّ وزيرة الصّفاقة ارتأت غير ذلك.

أولاد مفيدة وأخواتها ليست فكرة طارئة منعزلة بل هي سياسة ومنهج والواضح أنّ ما نتعرّض له حاليا من نوازل لم تجعل من ينظّرون لذاك المنهج يتراجعون أو يراجعون الأنفس بل ازدادوا كما الفيروس شراسة ليصرّوا على أن يجتمعوا علينا، مصيبتان في وقت واحد.

أولاد كوفيدة أشدّ ضررا من الكوفيد نفسه فذاك الفيروس الطّبيعي سوّى بين الجميع وترك لنا فرصة للنّجاة والتّعافي وقد تكون رسالته أسمى ممّا تبدو كدعوة عامّة لنا للمراجعة وإصلاح الذّوات وتصحيح المسار.

كوفيد19 في الغالب لا يترك ضررا دائما لدى من أصابه وتعافى منه بينما أولاد كوفيدة فضررهم باق ومستديم يصيب ا الأجساد ولأنفس والعقول ويصعب جبره على المدى القريب.

ويبقى الأمل في أن تتراجع الحكومة عن قرارها الغبيّ للحفاظ على ما تحقّق من نجاح نسبي في مقاومة الوباء وا ن أصرّت على ذلك فلا سبيل لنا إلاّ أن نقاطع تفاهاتهم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات