حالة وعي…

Photo

ماالّذي يجري؟ ما الّذي يحصل؟ سبحان مغيّر الأحوال شباب ة شابات في عمر الورد يتسابقون لتنظيف شوارع و أحياء المدن و القرى، متسلّحين بمكنسة ،مجرفة ،مسحاة ،مشط و بعزيمة لا تنكسر ،ينتابهم نشاط لا يفتر طواعية و تطوّعا دون انتظار جزاء أو شكورا.

هل هؤلاء هم شباب كان يتكاسل و يتثاوب لا يقوم بعمل يؤمر به إلا بعد جهد جهيد و نقاش حادّ و ربّما بمقابل و قد يتهرّب منه ليتسكّع في الشوارع أو أمام المعاهد أو ليجلس سويعات في المقهى ليلعب الورق أو يتيه و هو يسبح في شبكات التّواصل و يغيب في احدى لعبات الفيديوالكثيرة و المثيرة ان لم يسقط ضحيّة الادمان بأنواعه؟

كيف نجا هؤلاء الشّباب من القصف المركّز لمدّة سنوات و لمحاولة التّغيير الجيني القسري و كلّ الطّفرات؟ كيف أمكن لهم أن يخرجوا سالمين من حقول الألغام و من شراك منصوبة هنا و هناك؟ و أيّة حالة وعي هذه الّتي انتابتهم بعد كلّ محاولات تغييب الوعي الحثيتة و تزييفه الرّهيبة الّتي تقوم بها المختبرات؟

ظاهرة غريبة و عجيبة ترتقي الى مستوى المعجزات! هي حالة وعي و انتفاضة و قيامة بعد خمود و ركود و يأس دبّ في النّفوس كما طائر فينيق يخرج من الرّماد. كانت ثورة 17 ديسمبر حبلى بالأماني و المعاني الجميلة و حبّ الحياة تهافت عليها قطّاع الطّرق و السّماسرة و خفافيش الظّلام ليثخنوها جراحا و يحوّلوها الى جثّة خامدة بلا حراك ، لينعوها و يسارعون بدفنها و قلبها ما يزال ينبض و فيها بعضا من حياة ...اغتيلت المعاني و اغتصبت الكلمات ..

انتهى زمن الثّورات .و زمن المعجزات و لا صوت يعلو فوق صوت الطّغاة أعداء الحياة..هكذا كان يروّج، احباطا و اجهاضا لأيّة محاولة استنهاض أو تطلّع لحياة كريمة أفضل و هكذا كان يعاقب كلّ من يرنو تغييرا لواقع البؤس: خرابا و دمارا و معيشة ضنكى يجعله يكفر بلحظة تفكيره في التغيير و يكتفي بالتنفّس و ببعض الفتات.

ما الّذي حدث بعد سنين اجرامهم و هرسلتهم و قصفهم المركّز على العقول و الذّوات قصد تفتيتها و اعادة تشكيلها في قالب كينونات طيّعة مطيعة ، مهمّشة مشوّهة مضطربة سهلة التّوجيه مسلوبة الارادة غير قادرة على التفكير؟ هي حالة وعي تجلّت لمعركة وعي كانت تخاض بصمت و بلا طبول تقرع ،خرساء في وسط ضجيجهم الّذي يصمّ الآذان و هي ثمرة طبيعية لمسارالثورات الّذي عادة ما تشهد تموّجات من نجاحات و انكسارات لتنتهي في النّهاية بتحقيق الأهداف التّي قامت لأجلها.

استنفار الشباب طواعية و تطوّعا لتنظيف شوارع مدنهم و قراهم هو تجلّ لما يقومون به من مجهود لتنظيف عقولهم من مخلّفات قصف مزيّفي الوعي و ملوّثي البيئة و العقول . أيّ فخر نحسّ به هذه الأيّام و كم يعتزّ بذلك كلّ حرّ و كلّ انسان و كم يؤرق ذلك الطّغاة ،خفافيش الظّلام و الغربان.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات