اللُهم صبرا مثل صبر أيوب

Photo

من أين لأمُ ايُوب بصبر أيُوب؟ أيّ حرقة وأيُ احساس حضرها لحظة المأساة؟ كيف نقنعها بأنٌ رضيعها فارق الحياة قبل أن يطئها، أتت به على عجل وهو يشكو من ضيق في التنفٌس وارتفاع درجة حرارته لتبقى تنتظر وهي تحتضنه بعد أن طلب منها الانتظار لأنُها من مدينة مصنُفة موبوءة خشية انتشار الوباء، ليكتشف فيما بعد أنُه لا يحمل فيروسا وانُه توفُي وكان من الممكن انقاذه بحركة بسيطة وقليل من الجهد، التهاب حاد للقصبات الهوائية، التهاب رئوي حاد، سعال ديكي، ازمة ربو حادة...كلُها قابلة للحلُ الُا ما أصاب انسانيتنا وضمائرنا فهو غير قابل لأيُ حلُ.

هو التوحّش في عصر التوحُش الّذي يحوُل الانسان الى ريبوت يطبق ما يشحن به من تعليمات دون البحث عن مخرج أو تقديم تضحية أو نكران للذات، هي حالات وارقام واوراق وستطوى كما طويت بقية الملفات.

من مازال يذكر عشرات الرضُع الخدش الذين أرسلوا الى أهاليهم في صناديق كرتون ليثار الجدل حول حرمة الموت وتنسى قداسة الحياة وكان الحل بتعويض الصناديق الكرتونية بأخرى خشبية ليرتُب الملف في دهليس النسيان الى حدُ ان يطرح اسم المسؤولة عن الكارثة كوزيرة في حكومة الرئيس المقترحة.

أيُوب ليس الأوُل ولن يكون الأخير ورهاب الكورونا الذي تسبب في وفاته قد غيب الكثيرين من اصحاب الامراض المزمنة او ممن لسوء حظهم تعرضوا لازمة صحية حادة خلال فترة الجائحة و الأدهى و الأمر ان يقع اضاعة جهد ما تمُ وضعه من خطط في الفترة الاولى للوباء نتيجة للمناكفات السياسية و المعارك الوهمية و للعمى الايديولوجي الذي أصاب البعض، نحن نعيش على أبواب كارثة و لا أحد مكترث لذلك، يموت أيوب او عشرات مثل أيوب بالكورونا او بغيرها، حرقا او جوعا او غرقا لا يعني شيئا، هي مجرُد. أرقام متغيُرة في سجلات الدفاتر المدنية وهي ليست بأهمُية ارقام استطلاعات رأي الزرقوني ولن تكون بقيمة عدد الايّام الُتي تلتصق فيها المؤخرات بالكراسي.

كلّ مشغول بمعركته وكلّ يغنُي على ليلاه، وقيسنا منشغل بأكلة الدستور الشهية وبالبحث عن باڨات طويلة في شكل سيف لنجدة بغلة عثرت في العراق ولم تشغله دنياه عن العبادة والطاعات وبعض الركعات المصوّرة صدفة لأجل جمال اللقطة ومعركته المقدسة تتطلُب أجلُ التضحيات.

اما الحكومة فلرئيسها ما يهمُه أكثر من هذه الترّهات، تسجيل النقاط في الوقت الضائع وتصفية الحسابات ولنصب الفخاخ وتفخيخ الطريق.

أمُا الاحزاب واهل السياسة فمنغمسون في تدمير بعضهم البعض ومتورطون في عملية الاغتيال الممنهج للسياسة وللأحزاب كشكل متقدم للتنظيم.

أزمة مستفحلة ووضعية معقدة نعيشها وسيعيشها المواطن البسيط، مرضا، جوعا، ضنك عيش وموتا بكلُ أشكاله وسيكون بمنأى عن كل ذلك من ترونهم اليوم يذرفون دموع التماسيح فدموعنا كما عرقنا كما دماؤنا لا تعنيهم.

نحن كيونس في بطن الحوت وكأيوب في محنته.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات