رحلة في درب الشوك

Photo

ما أشدّ وطأة ابتلاء التفكير و الإبحار في عمق الأشياء و التعلّق بمعرفة الماهيات و التفاصيل،رحلة تيه و صيد لحقيقة لا تطال و استطراد لوهم المنال و التحصيل.

مضنية هي تلك الرحلة، مرهقة ومميتة تحت شمسها المحرقة أو في عتمة ليلها الطّويل، بشمعة تحتضنها بين كفّيك وأحيانا بلا قمر ولا نجم ولا دليل.

تحتاج للحظة تستجمع فيها أنفاسك وتلملم بعض جراحك وتستجمع قواك فتجمع أشياءك المتناثرة وتنتصب لتستأنف المسير وتسأل عالمك الّذي ألفت مرّة أخرى الرّحيل. سفرة أخرى في بحر لجيّ بقارب قديم تلاطمه الأمواج العاتية فتلقيه ركاما على شاطئ المجهول.

توقظك ضوضاء عقلك وأزيز محرّكاته الًتي لم تهدأ ولم تصب كباقي مناطق جسدك بعطب أو تعطيل ومدخنته لم تتوقّف عن نفث دخان الأفكار الميّتة بعد أن تركت مكانها لأخرى تدخل في دورة الحياة لترمى بعد حين.

تستجدي عقلك بعض الرّاحة فيأبى ولا ترى منه سوى صدّا، حزما ووعيدا وصفّارة تدوّي استعدادا لرحلة أخرى وتعب جديد...تمهمه وتغمغم.. أيّة وجهة وأيّ سبيل؟ فيتجاهل سؤلك وكأنّه يصرّ على أنّ المهمّ استكمال الطّريق نحو المصير...تلامس تضاريس وجهك فتتلمّس فعل العواصف وأثر السّنين وتتحسّس نبض قلبك فيبوح لك بالوجع الدّفين ويتاوّه متوسّلا بلا أنين: الى متى التّيه ...ومتى اليقين؟

تسائل نفسك عمّا تريد و هي الّتي هجرت راحة الجاهلين و اتّجهت نحو ما لم تصبه، لذّة العارفين فغرقت بين المنزلتين تتلظّى بنار الشّكوك و تخرقها سهام الظّنون لتحوّلها إلى خرقة بالية تذروها الرّياح فتلقيها في فوهة بركان يقذفها ككتلة ملتهبة على ضفّة نهر، كرة نار،هواء،ماء و طين...و صرخة أخرى كصرخة جنين..و دبيب حياة و شهيق و زفير و قلب يستعيد خفقانه و عقل لم يتوقّف للحظة يصمّ الآذان بالأزيز و الطّنين و نفس تتشكّل و تتحفّز للقفز مجدّدا في درب الشّوك و قد تراءى لها في نهاية النّفق حفنة ضوء..قد يكون اليقين.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات