مع منتصف ليلة باردة برودة احاسيسنا المتجمّدة حينما كنّا في بيوتنا و كلّ بطريقته يبحث عن بعض الدّفء المفقود ويتابع انهمار الأخبار الحزينة،كانت خفافيش الظّلام تحاصر منزل أحد الأحرار،المحامي و رئيس ثالث أكبر كتلة في البرلمان الشرعي ،تنفيذا لحكم اصدرته في حقّه المحكمة العسكرية فيما يعرف بقضية المطار أو كما يطلق عليها غزوة المطار و هي التسمية المفضّلة لدى إعلام العار،حكم طاله صحبة أربعة من النواب الآخرين في محاكمة سياسية بامتياز فاحت من خلالها روائح الانتقام و التشفّي الكريهة.
يشير القانون صراحة إلى مهلة24ساعة لتنفيذ الحكم و امكانية تأجيله في حالة التعقيب الّا أنّ لخارقيه و المدّعين امتلاك تأويله رأي آخر،ولم يستطيعوا أن يكبحوا جماح رغبتهم المرضية في اشباع نهمهم اللانتقام و التشفّي،خصوصا و أنّ اللّحظة الحرجة الّتي يمرّون بها تتطلّب بعض الأضاحي و تقديم قرابين من الأحرار على عتبات معبد الاستعباد و الاستبداد الّذين هم بصدد ترميمه و جعله أكثر حصانة من ذي قبل و عصيّا على أيّ معول ينوي استهدافه.
هم يحتاجون إلى انجاز في غياب أيّ انجاز و في ظلّ دولة فاشلة منكوبة صارت تتلقّى شحنات الاغاثة بعد أن كانت تقدّمها و تحوّلت الى شحاذة تستجدي المارّة و عاهرة تعرض نفسها في الطّريق العام بثمن بخس.
هم يحتاجون إلى أيّ نجاح في ظلّ فشلهم الذّريع المتواتر لتلميع صورة وجههم القبيح و استرجاع مشروعية غير موجودة و رتق بكارة مفقودة في استعراض للقوّة الغاشمة في وجه مواطنين مدنيين سلميين ذنبهم حملهم لأراء مخالفة و معارضتهم لما يجري من عبث.
الجزء الثاني من مسرحية الانتخابات المهزلة، الّتي يصرّ الدّعي على اجرائها في ظلّ عزلة خانقة و أزمة طالت جميع المجالات، تتطلّب مثل هذه الشطحات الاستعراضية لاستقطاب بعض المرضى من الدّهماء المتعطّشين لأفلام الرّعب و الدم و استثارتهم واستنفارهم عسى أن تتغيّر نسبة المشاركة بما يرضي غروره و أوهامه.
قرابين من الأحرار تقدّم على عتبات المعبد المدنّس قد تتبعها قرابين أخرى و لو كان بمقدوره و مقدور مشغّليه لوضع كلّ ذي رأي مخالف وراء القضبان، بل و أبادهم جميعهم كما تباد الحشرات بالمبيدات الكيميائية حتّى لا يبقى رأي سوى رأيه.
في ظلّ هذا المشهد السريالي السوداوي العبثي الضبابي المعقّد تبقى شعلة الأمل متّقدة و عصيّة على من يريد إطفاءها مادام يوجد على هذه الأرض مثل هؤلاء الأحرار و الحرائر.
كيف لشمس الحرٌية أن تغيب و فيها شموس مثل شيماء و ايناس و سميرة؟ أخجلتنّنا و نحن نراقب الأحداث من وراء حواسيبنا في بيوتنا نترشّف شايا ساخنا و نثرثر!