يبدو أنّنا تخطّينا مرحلة العبث لنلج مرحلة الجنون ،نحن نعيش حالة من الهذيان الحاد و الهيجان و الانحراف السلوكي و قد يصبح من يحمل عقلا مطاردا و متّهما بالجنون حتّى يبطله و يستقيم و يصطفّ مع المصطفّين و يسلّم بوثوقية بما لا يقبله عقل في بلد صار يكذّب فيه الصّادقون و يصدّق الكاذبون .
من الطّبيعي أن تثمر سنوات من القصف للوعي الجمعي و غسيل الأدمغة و التجهيل و التفقير و التهميش و الدّعاية السّوداء،كلّ الخراب الّذي نعيشه الآن و هذه القابلية للقطيع للاستحمار ليتحوّل إلى مستهلك للتفاهة و مدمن على الأكاذيب و الاراجيف والقصص الخرافية الغريبة و الأفلام الهندية إلى جانب الأفلام الإباحية.
هذا الجمهور سيرميك بحبّات الطّماطم المتعفّنة و البيض الفاسد إن قدّمت له فنّا راقيا أو واجهته بواقعه و بالحقيقة،لذلك هو يصدّق ذات الصّدر الحنون حتّى و لو قالت أنّ احدهم يملك من الياقوت ما لا تملكه دول ليسجن لسبب آخر مع أنّ ياقوته يكفينا مذلّة التسوّل و لا يتساءل أحد أين تبخّر و إن كانت هي من الكاذبين و بالضّرورة يكون هو من الصّادقين.
جمهور صدّق قصّة الياقوت و قصّة الأنفاق الّتي تصل الشعانبي بغزّة و قصّة معامل الآجر و المليارات و اليخوت مستعدّ لأن يصدّق قصص محاربة الفساد و الاحتكار و يستعذب غزوات دون كيشوت و هو يطارد طواحين الهواء و الأشرار!
و بالطّبع يعجبه في بعض الأحيان أن يتغيّر نسق الفلم ليتّخذ صفة الأكشن و الّذي لا يخلو من بعض المشاهد الإباحية لتكون تآمرا على أمن دولة و محاولة لقلب النّظام أبطاله رجال أعمال و ساسة و أمنيون و دبلوماسيون و أحزاب و ناشطون في المجتمع المدني و سفارات أجنبية و المخبر البطل الّذي سرّبه صاحب ثلاث اكساتXXX.
جميل ذاك السيناريو و هو الأكثر حبكة و تشويقا من بين الأفلام الّتي عرضت إلى حدّ الآن و كان من الممكن تصديقه لولا تلك الخلطة العجيبة فيما يشبه الشكشوكة بالملوخية و قدّيد أمّي السّيسي.
إدراج فرنسا و أدواتها في محاولة إنقلاب على نفسها.
يعني تريدون أن تقولوا أنّ فرنسا و بدرجة ثانية قطر( اضيفت كبهارات للخلطة كما اضيفت حركة النهضة) تسعى لأن تنقلب على إنقلاب لم يكن ليقع لولا دعمها مع كلّ من مصر و الامارات؟
يعني تريد أن تنقلب على من قال فيها ما لم يقل أحد من قبل ،برّأها من جريمة الاستعمار و رفع عنها حرج الاعتذار و كان لها بمثابة الخادم الطيّع و الابن البار!
إن كان ذلك صحيحا فمن المفروض إيقاف كلّ من ورد اسمه في الفلم الاباحي و استدعاء السفير الفرنسي و القطري للاحتجاج على تدخّلهما في سيادتنا المزعومة !
ثمّ من وراء تسريب محاضر البحث الّتي من المفترض أن تبقى سرّية و لا تطالها الإباحية؟
لا أظنّ أنّ فلم XXX الجديد و الممنوع على من بقيت فيه ذرّة من عقل سيكون الفلم الأخير و قد يكون تمهيدا لعرض فلم قطار الموت.
مشاهدة طيّبة للجميع.