رمضان ...الزكاة والرّابطة "المربطة"

Photo

رمضان هذا العام كان خفيف الظلّ سريع الخطوة هبّ علينا فجأة كلفحة نسيم ليسألنا الرّحيل فجأة وكأنّه لم يأت البتّة أو لم يكن بالأمس هنا يجالسنا ويؤانسنا ويلاطفنا ويسامرنا ويروّضنا ويداوينا ويستثيرنا ليخرج منّا أجمل ما فينا. رمضان هذا العام كان استثنائيّا فكورونا الّتي ألزمتنا المنازل وأغلقت المقاهي والمساجد والمتاجر قد منحتنا الفرصة لأن نحاول تنظيف بيوتنا ممّا علق فيها من أدران وإعادة ترتيبه وإشعال بعض المصابيح لإنارة ما تراكم من ظلمات.

فيروس كوفيد لم يعرقل ولم يؤثّر على وظيفة هذا الشهر الّذي أفرغ من روحه وتحوّل إلى مناسبة كرنفالية للاستهلاك والهلاك ليجد هذا العام مجالا لاستعادة ما فقد خلال أعوام. الحقيقة أنّ الجائحة الّتي يشهدها العالم تبدو ألطف من نواهد ودواهي وجوائح بشرية مرّت وتمرّ كلّ يوم فتترك أثرها القبيح المشوّه العفن الكريه المثير للقيء، فطريات وفيروسات بشرية لا همّ لها سوى تلويث المكان ببرازها وتسميم المناخ بضراطها.

كثيرة هي الأحداث الّتي وقعت خلال هذا الشّهر، هرطقات لرئيس جمهورية معارض ودعوات للفوضى من قبل بعض من يدّعون أنّهم أنصاره، دعوات متّسقة مع أعداء الثورة المضادة ومدعومة من عصابات بول البعير وغرف المؤامرات العبرية المظلمة. مهلة يمنحها بلطجيّة الاتّحاد للقضاء حتّى يطلق سراح أفراد من عصابته عنّفوا نائبا للشعب اعتبروه مداعبة وملاطفة ولا يرتقي إلى درجة العنف الشديد الّذي يسجن لأجله مثل تلك القامات المعروفة باعا وذراعا في التخريب والترهيب.

والمباركي بارك الله فيه من كانت له أكبر وليمة خرفان في تاريخ تونس الحديث قد منح القضاة حتّى فجر العيد ليتمّ تحرير" المناذلين" وإلّا نفّذ وعيده وتهديده. حرائق هنا وهناك في تزامن غريب أبرزها إحراق قاطرة جديدة لنقل الفسفاط سعرها ملايين الدّينارات، قدّمت كقربان في معبد الفساد والتهريب والإرهاب وواضح من المستفيد وكاد المريب أن يقول خذوني، لولا حول أصاب دولتنا وخللا طرأ على هرموناتها جعلها تمارس فحولتها على "المريّشين: وتتحوّل إلى مخصية وحمل وديع أمام "المتريّشين" أو على من رأسهم ريشة.

تصوّروا أنّ شابا يقبع في السّجن نتيجة لغضبة طارئة و زلّة لسان مسّت من ذات الرّئاسة العلوية فاستشعرت اهانة بالغة سعت إلى جبرها بحرمان ذاك الشاب من عائلته طيلة شهر الرحمة بعد أن أهانته على رؤوس الملأ كما شاءت،بينما أحدهم حرق قاطرة بأكملها يكون طليقا ولا يعاقب أو إحدى التّافهات تتعدّى على المشترك المقدّس وتترك حرّة لتتبرّز متى تشاء و تتبوّل متى تشاء على نخب كرامة الشعب المهدورة....

تلك هي قوانين سكسونيا بالجرماني وبلاد التررنّي بالتّونسي وجمهورية الموز بكلّ الّلغات. لن أشير إلى بكاء البعير و نحيبها و زغروطتها الّتي اعتادتها مسامعنا، فتلك صارت عادة شهرية ستمارسها جهرا حتّى يأتيها سنّ اليأس و لا إلى ما حصل بين الأستاذ مخلوف و شبه الإعلامي المكّي من فعل و ردّ فعل ضمن التّجاوب الغرائزي البافلوفي فكلّها يمكن أن تفسّر و ان نجد لها بعض التبرير و مؤيّدات المنطق، لكن ما لا يعجز العقل عن قبوله هو ذاك البيان الطّويل الّذي كتب بلغة ركيكة بمفردات مستوحاة من نفس القاموس الّذي التجأ إليها بعض الثّقفوت في الشرق لمساندة بشّار البراميل المتفجّرة و فاقئ العيون عندما وجّهوا رسالة يعاتبون فيها سيّدهم القيصر بوتين بعد أن استشعروا بأنّها يفكّر في ذبح النّعجة.

رابطة حقوق اليسار الكافياري والشّواذ والأفّاقين وشذّاذ الأفق الدجّالين ومغتصبي المعاني والكلمات، تصدر بيانا تستنكر فيه تفعيل رئيس بلدية لصندوق زكاة معتبرة ذلك تعدّيا على مدنيّة الدّولة وتجاوزا لدورها وتكريس للطّبقية ونشر للطّائفية والعشائرية وأطلقت كلّ صفّارات إنذارها تجاه مثل هذه المحاولات المهدّدة للنّمط المجتمعي التّونسي وكأنّهم يطلقون صيحات فزع أمام ما يعتقدونه إرهاصات لنشأة إمارة الكرم.

لا ادري إن كان هؤلاء المرضى لا يعلمون أنّ صندوق الزّكاة موجود منذ عهد المخلوع البائد حينما كانوا يلحسون حذاءه لتلمعيه و طمعا في ما يرمى لهم من فتات و بعض العظام، و أنّ مثل هذا الصندوق الوقفي موجود في أغلب البلدان بما فيها المتزعّمة لاحترام الإنسان و حقوقه،و لا أدري ما علاقة هذا الصّندوق بالطّائفية و العشائرية و الصراع الطّبقي إلّا إذا اعتبرنا أنّ المسلمين في هذا البلد أقلّية و هو ما ينفيه الدّستور ثمّ كيف لمساعدة من غنيّ لمحتاج تساهم في التّفقير يا أصحاب الفكر الوجيه المستنير؟

صراحة الكورونا المستجدّة ألطف بكثير من الكورونا البشرية الّتي تبرز من حين لآخر، فأثر الأولى عابر وكثيرون يتعافون منها بعد إصابتهم بها، أمّا الثّانية فمخادعة وأثرها دائم تصيب العقول والنّفوس متسبّبة في اعاقات وتشوّهات ثقيلة عصيّة على العلاج. عافانا وعافاكم الله من كلّ أنواع الفيروسات.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات