لماذا لا أكون محايدا؟

Photo

يلومني البعض على حماستي المفرطة وانحيازي الواضح لطرف على حساب آخر في صراع يعتقدون ويحاولون أن يوهموني بأنّه لا يخصّنا ولا ناقة لنا فيه ولا جمل، مستحضرين بعض أمثلتنا الشعبية من قبيل:"لا يرد فاس على هراوة " و "اخطى راسي واضرب" وانّ ما فينا يكفينا ومن العبث استيراد صراعات لا تعنينا ونحن في غنى عنها، وقد يتمادون ليلبسوا نصيحتهم جبًة الدّين ليستشهدوا بأحاديث الفتنة وما يتطلّبه الموقف من حياد ونأي للنّفس خشية الاحتراق بنارها.

وقد يكون لقائل ما ذكرت لقب الطرابلسي او البرڨي او الطرهوني او أحد الالقاب التي تحيلنا الى نفس الجذع والأصل والشاهدة على الجذور المتداخلة والواحدة والصيرورة المتشابهة وانّه لولا لعنة سايكس بيكو والتدخلات الاجنبية الفجة وما فرّخته من أنظمة وظيفية تعمل بالوكالة لصالح الأجنبي لما كان حالنا بالقتامة الّتي هي عليه.

أغلب من يطالبونك بالحياد هم في الغالب لا يمارسونه،فاصطفافهم واضح مع الطّرف الآخر و لم يطلبوا منك ذلك إلا ً حينما خسروا مواقعا و استشعروا الهزيمة و يخشون ضربة قاضية تنسف دجلهم و مقولاتهم.

وقائمة تهمهم جاهزة مشحونة في اسطوانة مشروخة يشغًلونها اوتوماتيكيا، تتضمّن الخيانة واللًاوطنية والعمالة للناتو والاخونة والترويج للاستعمار العثماني الجديد وخدمة الصهاينة، هذا بالنسبة لمن يدّعون الانتماء لشق العروبة والتقدمية والممانعة اضافة الى التكفير والاخراج من الملّة من قبل الجامية والمداخلة، دون نسيان جرحى ثورات الربيع العربي ممّن يعتبرون ما جرى وما يجري من تغيّر وتغيير ومقاومة للاستبداد والفساد هو في خانة المؤامرة.

قد تبدو الصّورة ضبابية وملتبسة ليطلب منك البعض التريّث والحكمة قبل اصدار المواقف واعلان الاصطفاف مع طرف ضدّ آخر مع أنّها واضحة كالشمس لذوي البصيرة ولكلّ من استفتى قلبه وحكُم ضميره.

فئة بغت على أخرى فمع من تكون بعد استنفاذ فرص الاصلاح بينهما واصرارها على البغي؟

"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "(الحجرات9) محور الشر العربي المتمثل في الامارات و السعودية و مصر الذي يستعدي الشعوب و لا يدّخر جهدا في اجهاض أيّ محاولة استنهاض لها ، ينفق بلا حساب و يمد حفتر الفاشل بالمال و السلاح و المرتزقة و يدعمه سياسيا و اعلاميا لأجل وأد ثورات الربيع العربي نهائيا، فمع من يجب عليّ أن أصطفّ اذا كنت مستهدفا في بلدي و لو بعد حين؟

فرنسا برجال مخابراتها وروسيا بمرتزقتها والولايات المتّحدة بحساباتها البراغماتية وعشقها للنفط وايطاليا بتاريخها الاستعماري و "اسرائيل" باستراتيجيتها المعادية للثورات والديمقراطية في محيطنا باعتبارها خطرا يهدّد وجودها اضافة الى هوسها المشتركة فيه مع اليونان من تبعات الاتفاق الدفاعي التركي الليبي، جميعهم بما فيهم المنظمة الاممية المنافقة يصطفّون إلى جانب المجرم حفتر، فمع من يملي عليّ ضميري أن أصطفّ؟

ومع كلُ هذا الدّعم اللاّمحدود للأسير السابق وعميل المخابرات الاميركية والموساد الفاشل مجرم الحرب حفتر، فإنّ البعض يستكثر على المُعتدى عليهم والمدافعين على أرضهم وعرضهم أن تأتي تركيا لنصرتهم وهو دعم لا يمثّل أكثر من 5%ممّا يتلقّاه المعتدين، لكنّه كان مؤثّرا وحاسما ليقلب الأوضاع على الارض ويميل الكفّة لصالح الشّرعية وأنصار ثورة 17فبراير.

تمّ تحرير سبع مدن في سبع ساعات ومحاصرة قاعدة الوطية، و "التريس" على قاب قوسين او أدنى من تطهير ترهونة في انتظار الجفرة للانطلاق الى سرت ومنطقة الهلال النفطي في انتظار أن تتطهّر كلّ ليبيا بشرقها وغربها من الادران التي علقت بها.

وفي الواقع فإنّ حسمي لموقف ما عندما تختلط عليّ السّبل يتبلور ويتّخذ منحى معاكسا لما يروّج له الاعلام الرسمي ويتشكّل بالتّضاد مع تموقع العدوّ الصّهيوني.

لأجل كلّ ما ذكرت لا يمكن لإنسان سليم العقل وذو ضمير أن يكون محايدا في صراع جوهره في الحقيقة إنساني. الأخبار التي تأتينا من ليبيا تفجّر ربيعا من السرور والأمل عند الأحرار. وتثير طوفانا من الحزن والخيبة عند داعمي مجرم الحرب وأعداء الحرّية والإنسانية.

وفي لحظات خطّي لهذه الكلمات فإنّ أحفاد عمر المختار بصدد كتابة صفحة جديدة نيّرة من التاريخ بدمائهم وهم يدافعون بأرواحهم عن كرامتهم وكرامتنا وحرّيتهم وحرّيتنا لأجل غد أفضل اشراقته بانت قريبة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات