مبروك لتونس...في انتظار أن تكتمل الفرحة

و حصل ما لم يتوقّعه أشدّ المتفائلين و انتفضت نسور قرطاج و حلّقت مجدًدا بعد أن حاول البعض كسر أجنحتها و تقليم مخالبها، هي مقابلة لكرة القدم ليست سوى لعبة و لا يمكن تحميلها أكثر ممّا تتحمّل و هي في النّهاية وسيلة للإلهاء و التخدير الى درجة اعتبارها أفيونا للشّعوب لكن لا يمكن انكار دورها في تفجير فرحة نحن نحتاجها بعد أن هجرتنا منذ فترة ليست بالقصيرة.

نحتاج لفرحة تجمعنا و لو كانت وهمية بعد أن فرّقتنا الدّروب و حاصرتنا الهموم و تعمّقت الجراح و استوطن اليأس في النّفوس.

نحتاج لفرحة الانتصار رغم العراقيل و الصّعاب و لو في ميادين اللّعب لتلهمنا البحث عن الانتصارات في الجدّ و على أرض الواقع.

نحتاج لفرحة تجمعنا و تنسينا خلافاتنا و تذكّرنا بأنً ما يجمعنا يفوق ما يفرّقنا و يدحض سعي من يريد تقسيمنا و تفتيتنا و بثّ سموم الفرقة و الحقد و الكراهية و جعلنا في حالة احتراب مجتمعي.

فرح الجميع بفوز المنتخب التونسي و خرج الجميع بسيّاراتهم يعزفون نشيد الفرحة بالمنبّهات و يلوّحون بالرّاية الّتي تجمعنا، و بحّت الحناجر هتافا في المقاهي و البيوت و تفاعل الجميع كلّ بطريقته و تعانق بعض من فرّقتهم السّياسة و اختلاف وجهات النّظر بعد أن خلنا أنّ ذلك مستحيل تماما كما ظننّا أن الانتصار على فريق في قيمة المنتخب النيجيري مستحيل في ظلّ الظّروف الّتي مرّ بها منتخبنا الطّبيعية و المصطنعة متناسين أنّ المستحيل ليس تونسيّا.

قد يجيبنا البعض بضرورة إبعاد الكرة و الرياضة عن السّياسة و صراعاتها و هو قول مردود على قائليه لأنّنا نرى السياسة في كلّ شيء و الإنسان كائن سياسي بطبعه.

هذه الفرحة الّتي أنستنا مؤقّتا ما نعيشه من غمّة نتيجة انقلاب سياسي و أخلاقي قد تبعث فينا أملا بأن نجعلها دائمة لتتابع الانتصارات ليس في ميادين اللّعب، بل في كلّ مجالات الحياة.

لقد سعت سلطات الانقلاب ممثّلة في وزير رياضتها إلى عرقلة الفريق و كانت جوقة الإعلام تهاجم بضراوة الاطار الفنّي و اللّاعبين و خصوصا رئيس الجامعة بعد تعثّره في الدّور الأوّل و سعوا جاهدين لتغيير الاطار الفنّي و لولا قوانين الفيفا لتمّ تجميد و عزل رئيس الجامعة بمرسوم يصدر بعد منتصف اللّيل.

هم يحتاجون لمثل هذه الانتصارات و الفرحة الّتي تلهي عن الاستحقاقات الحقيقيّة لكنّهم يريدونها انجازهم بمن يتبعهم و يدينون لهم بالولاء ففي زمن صناعة الزعيم الصّنم الواحد الأوحد لا يمكن تحمّل أن يكون غيره ينافسه في النّجومية و الأضواء و أن لا يكون هو الوحيد القادر على أن يفرح و يبكي و يصنع الانتصارات.

فرحتنا بانتصار المنتخب لا توصف و أمنيتنا أن تكتمل بدحر هذا الانقلاب الغاشم و طيّ قوس العطب التّاريخي الّذي تعرّضنا له و ما ترونه بعيدا نراه قريبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات