عدد كامل من الرَّائد الرَّسمي للجمهوريَّة لا يتضمَّن غير أوامر رئاسيَّة للعزل والتَّعيين في الدَّواوين الوزاريَّة وحتَّى على رأس الإدارات الجهويَّة والمؤسَّسات والهيئات الرّاجعة لها بالنَّظر، بإجمالي 43 أمرا عزلا وتعيينا.. وكأنَّ الهدف من التَّدابير الاستثنائيَّة هو تعطُّش كبير لممارسة رياضة وسلطة العزل والتَّعيين..
وهي ما يسيء للوزارء ووزيرتهم الأولى في حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة، ويسيء لرئيس الجمهوريَّة نفسه، ويسيء للدَّولة التُّونسيَّة، ويفتح باب تسلُّل منطق المحسوبيَّة والولاءات، ويجعل الإدارة لُقمة سائغة للمتسلِّلين المُتسلِّقين على حساب الكفاءات، ويُنافي "الحُكم الرَّشيد" ويُفسد "حُسن التَّولِّي" الخلدوني..
وهو ما يستوجب جرد ومراجعة تعيينات المحسوبية وضمان حياد الدَّولة عن "لجان التَّنسيقيَّات" و"الهياكل التَّفسيريَّة المؤقَّتة" الَّتي تهذي بتعويض نواميس الدَّولة والمؤسَّسات الشَّرعيَّة المنتخبة وتتصيَّد المناصب لفرض أتباع "حملاتها التَّفسيريَّة" في مفاصل الدَّولة عبر التَّسلُّل لمحيط رئيس الجمهوريَّة..
لو كان عبد الرَّحمان ابن خلدون لساءه ما وصلته الأوضاع في بلاده الَّتي أنشأ فيها علم التَّاريخ وعلم الاجتماع وعلم العُمران البشري، وأنشأ فيها مبادئ "حُسن التَّولِّي" الَّذي يسمِّه المعاصرون "الحُكم الرَّشيد"، لإصلاح ما أفسدته عقليَّة هارون الرَّشيد "أعطه منصبا وإقطاعا من أرض الجماعة وجارية وألف دينار من بيت المال"..
الصُّورة تمثِّل فقط رُبُع فهرست الرّائد عدد 24 بتاريخ 2 مارس 2022 والباقي أيضا كله أوامر رئاسيَّة بالعزل والتَّعيين، ممَّا لم تتَّسع له عدسة الصُّورة.