التعسف الشعبوي لوالي تونس والكاتب العام لبلدية الحاضرة القائم مقام رئيس البلدية بدون مجلس بلدي (!!!) هو مسلسل شعبوي سخيف في شهر رمضان المعظم، لقطع أرزاق صغار الحرفيين ولتنغيص فرحة سكان ورواد المدينة العتيقة بتونس، روح البلاد وعبقها..
ولا علاقة له بزجر المخالفات، فهو ونظرائه لم يتصدوا لأصحاب الجاه واليد الطولى من كبار أصحاب المحلات، في طول البلاد وعرضها، من الَّّذين يبسطون طاولاتهم وكراسيهم وبل يبنون حيطانهم فوق الرَّصيف وفي الطّريق، ويستقبلون كبار المسؤولين إيَّاهم من بين زبائنهم؟؟؟
كما أن تنظيم إشغال الملك العام البلدي من مشمولات البلدية، وليس من مشمولات الوالي ولا معتمد الوالي ولا عمدة المعتمد.. ويقتضي البدأ وجوبا بالحملات التوعوية قبل القرارات الزجرية، ويتطلب قرارات قانونية سابقة للمجلس البلدي بعد احترام آجال التنبيه والإمهال، وتحت رقابة القضاء الإداري الذي له وليمة عامة على كل مقررات السلطة التنفيذية مركزية كانت أم جهوية أم محلية، ثم الاستعانة بالقوة العامة للتنفيذ عند عدم الامتثال لسلطان القضاء..
ثم إن أغلب دول العالم تسمح في مناسبات الاصطياف والمواسم والأعياد والمناسبات الدينية والوطنية، مثل شهر رمضان المعظم أو أعياد ميلاد السيد المسيح، بالإشغال للوقتي الملك العمومي لفائدة التجار والحرفيين، لتسهيل تمتع المواطنين والسكان والزوار بالأعياد والمواسم وإسعة الفرحة بين الناس..
أما حملات "رامبو" التعسفية بدون احترام دستور البلاد وقوانينها وبدون الانضباط للإجراءات، والتنقل بموكب من المصورين بالسلفيات والكاميرا من الأمام ومن الخلف ومن المؤخرة في خرق للحق في الصورة وفي حماية الخصوصية، فهدفها ونتيجتها قطع الأرزاق وتنغيص الفرحة في شهر العبادة والتضامن والفرحة..
إذا كان سلوك الوالي هدفه القفز إلى منصب أعلى بمناسبة الحديث المتواتر عن تحوير وزاري وشيك، فقد يفقد ثقة الأهالي من المواطنين الذين مكلف بخدمتهم، وقد يفقد كرسي الولاية..
ولا علاقة للتّصرُّف الأرعن للوالي بوخريص بتطبيق القانون الَّذي نحرص عليه أكثر منه، وهو القاضي السَّابق الَّذي طمح ويطمح لشغل مناصب سياسيَّة باستغلال صفة القاضي العارف سابقا بالقانون..
وفي قضية الحال، تجاوز الوالي صلاحياته و"عَفَس" على صلاحيات المجلس البلدي.. ولم يحترم تدرج القرار الإداري بمنع الانتصاب من التوعية والإهمال والتنبيه.. ولم يحترم الإجراءات الواجبة بإصدار مقرر إداري وتوضيح سبل التظلم والتقاضي أمام القضاء، إلخ، إلخ، إلخ..
وعوَّض ذلك بعدالة "ذُباب القاضي" المشَّاءة المفسبكة على الهواء مباشرة، ودغدغة عواطف "ذُباب القاضي"، بدون أيِّ احترام للدُّستور ولا للقانون ولا للإجراءات، ولا لقدسيَّة الشَّهر المبارك..
ونحن ننتقد نتصرُّف المسؤول السِّياسي الوالي عماد بوخريص المارق عن القانون.. والَّذي يكون بتعيينه في منصب سياسي فقد نهائيًّا كل أهليَّة لتقلُّد منصب القضاء..
ولا نخشى في الحق لومة لائم.. ولم ولن ولا نخشى لا "قضاء الجفَّال" لتبييض وتلميع خرق القانون ولا "نوبة" موسم "هيجان الجراد" ولا "ذُباب القاضي"..
ونتوجَّه لرئيس الجمهوريَّة بعيدا عن "ذُباب القاضي" إيَّاه: هل يعقل أن يقبل بمثل هذا التصرف الأرعن رئيس الجمهورية رئيس الدولة الساهر على علوية القانون وعلى حقوق المواطنين والحرفيين والصناعيين من أهل ورواد السوق والمسؤول الأول على السلم الأهلي؟؟؟
وهل يعقل أن يتصرف الوالي ممثل رئيس الجمهورية رئيس الدولة وممثل الحكومة، بمثل هذا التعسف والصلف والجهل بالقانون، دون أي تفكير في عواقبه الوخيمة وتأثيره السلبي على صورة رئيسه رئيس الدولة وعلى سمعة الدولة وعدالتها ورفقها ورأفتها بمواطنينا وثقتهم بها وفيها؟؟؟
على رئيس الجمهورية رئيس الدولة، وبالتشاور مع رئيس الحكومة، وضع حد لهذه العربدة ولهذا الانفلات التعسفي الشعبوي المقيت لأحد أبرز ممثليه في ولاية العاصمة تونس، وجه البلاد ومرآة صورتها في الداخل والخارج..
فهل سيقبل رئيس الجمهوريَّة بتصرُّفات "ذُباب القاضي" في دعم "القاضي كَانَ" قاطع الأرزاق، والطَّمُوحِ للتَّوزير على حساب الدُّستور والقانون والإجراءات وعلى حساب قوت التُّونسيِّين وفرحتهم وحُرمة الشَّهر الفضيل، شهر الرَّحمة؟؟؟