يُكَذِبونَ بعضهم

سبق لي في مقال سابق بعد عشرة ايام من المعركة ان ذكرت أن "الارتباك في القرار السياسي والاعلامي الاسرائيلي لم يكن بهذه الدرجة من الاضطراب"، وها هو الارتباك يزداد وضوحا ولكن في الجبهة العسكرية هذه المرة ،وتحديدا في التضارب غير المنطقي في ارقام الخسائر العسكرية والمدنية في اسرائيل.

ولن استند الى اي مرجع غير اسرائيلي في تبيان التضارب في هذه الارقام ، وسأشير الى ان ملامح التضارب تظهر من خلال المقارنات من 7 اكتوبر الى 10 ديسمبر الجاري. الفارق الكبير بين الارقام التي يعلنها الجيش عن خسائره وبين ارقام سجلات المستشفيات الاسرائيلية .

تزايد دور الرقيب العسكري في كل وسيلة اعلام بخصوص اعلان الخسائر او اجراء مقابلات مع مصادر عسكرية.

اعتقال صحفي اسرائيلي بعد تسريب ارقام عن الخسائر.

الاعتماد على المرتزقة.

وسأقدم نماذج من تكذيب بعضهم لبعض:

أولا: تقرير صحيفة هآرتس الاسرائيلية والمعروفة عالميا:

قالت الحكومة ان عدد العسكريين الجرحى حتى يوم 10 ديسمبر هو 1593 عسكريا، جراح 255 منهم خطير-446 متوسط-892 خفيف.

لكن سجلات المستشفيات التي راجعتها الصحيفة تشير الى ان مجموع الجرحى بين الجنود هو 3117(أي ما يعني ان الرقم الرسمي هو حوالي 50% من الحقيقة)، وبينت الصحيفة الارقام حسب المستشفى على النحو التالي:

• المركز الطبي برازيليا في عسقلان فيه 1949

• مستشفى اشدود 178

• مستشفى تل ابيب 148

• مستشفى حيفا 181

• مستشفى هداسا القدس 209

• مستشفى شآري تزديك في القدس 139

• مستشفى بئر السبع الف

• مستشفى تل هاشومير 650....الخ

ثانيا: اشارت الصحيفة طبقا لسجلات المستشفيات ان مجموع الجرحى العسكريين والمدنيين في نفس الفترة(حتى 10 ديسمبر) هو عشرة آلاف و 584 جريحا.

ثالثا: قال دافيد اورن باروخ مدير مقبرة "جبل هيرتسيل العسكرية" ما نصه : نحن نمر الآن بفترة كل ساعة الى ساعة ونصف هناك جنازة، وقد طلب مني فتح عدد كبير من القبور..لقد دفنا 50 جنديا خلال 48 ساعة".

رابعا: تم اعتقال احد الصحفيين وهو افرايم موردخاي لأنه قال ان عدد القتلى في المستشفيات يفوق بشكل كبير ما تعلنه الدولة.

خامسا: كشفت صحيفة El Mundo الاسبانية المرموقة بعد لقاء لها مع مرتزق في الجيش الاسرائيلي ممن انتقلوا من اوكرانيا انه يتقاضى حوالي 16 الف و800 دولار شهريا من الجيش الاسرائيلي، ويقول للصحيفة "إن دافعي للمشاركة في هذه الحرب هو المال فقط".

سادسا: تقول المصادر العسكرية المتعددة ان عدد خسائر المقاومة هو 5 آلاف، ومصادر اخرى انها بلغت 7 آلاف ، وثالثة انها قاربت عشرة آلاف.

من الواضح ان اخفاء الخسائر سببه هو:

أ- الخوف من التأثير على الدافعية القتالية للجندي الاسرائيلي.

ب- الخوف من ردة الفعل المجتمعية وتراجع التأييد الداخلي للحرب.

ج- اعلان الخسائر الكبيرة يعزز النزعة القتالية لدى المقاوم الفلسطيني.

د- اعلان الخسائر الكبيرة يغير الصورة "الزاهية" للمؤسسة العسكرية الاسرائيلية في الذهن الدولي بخاصة بعد انجازاتها السابقة في الحروب الرسمية مع الجيوش العربية .

ه- ان المقارنة بين نتائج الحروب الرسمية ونتائج حروب المقاومة الشعبية المسلحة( في لبنان وغزة واليمن والعراق..الخ) تُعزز نزعة الاحلال لدور الحركات الشعبية محل الدول والجيوش النظامية العربية.

من الواضح أن نيتنياهو وهيئة القيادة اصبحت في وضع يزداد صعوبة(كما هو حال المقاومة ايضا)، فهو عاجز عن تحقيق اهدافة المعلنة وعاجز عن تخفيف ارقام خسائره المتزايده يوميا وعاجز عن مواجهة المجتمع الدولي له ناهيك عن عجزه عن طي ملفات داخلية تنتظرة قد توصله للسجن، وعاجز عن الرد على انتقادات حادة وغير مسبوقة من النخب السياسية والعسكرية والفكرية في المجتمع الاسرائيلي.

الحقيقة ان السند الوحيد لنيتنياهو الى جانب الولايات المتحدة هو الطرف العربي الذي ينتظر هزيمة المقاومة عبر الضغط الاسرائيلي وعبر الخنق عند المعابر وعبر الالتفاف حول مشروعات تنتهي في دوارق نيتنياهو.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات