ايران والهجوم الإسرائيلي

هاجمت إسرائيل هذا الصباح ما يقارب 300 هدف عسكري ومدني في ايران، ونتج عنها " مقتل قادة من الصف الأول في الحرس الثوري(قائد الحرس) حسين سلامي ورئيس الأركان للجيش الإيراني محمد باقري وإصابة شخصيات من ذات العلاقة المباشرة والعليا بالأمن القومي والقوة الجيوفضائية، وهو ما يعني أن "عيون إسرائيل " داخل ايران بل وداخل المؤسسة الإيرانية أعمق مما تحاول ايران " التهوين من شأنه"، وما جرى اليوم هو استمرار مسلسل الاغتيال "السمين" للقادة والعلماء الإيرانيين، وفي هذا الهجوم تتداول المواقع الإلكترونية الإسرائيلية الحديث عن مقتل عشرة علماء إيرانيين، وهو ما يعني أن الموساد شبه مقيم في قلب ايران ، بينما فشلت ايران في اغتيال أي مسؤول إسرائيلي "سمين أو بمستوى نفس السمنة للقادة الإيرانيين"، وهو مشهد يتعزز بسوابق مثل اغتيالات قادة حزب الله أو قادة حماس وفي قلب طهران أحيانا.

من جانب آخر، يبدو أن ايران لم تأخذ التهديدات الإسرائيلية –وبخاصة في ظل حكومة يرأسها نتنياهو المعروف بانه الأكثر ميلا لاستخدام القوة- بالجدية الكافية، ويبدو أن عملية التضليل التي مارسها نتنياهو وترامب انطلت على ايران، فالمفاوضات بين ايران وأمريكا خلقت انطباعا بان إسرائيل "ستتصرف بشكل يعطي مجالا للمفاوضات"، ثم يتبين الآن أن ترامب زود إسرائيل بكم كبير من الصواريخ الاعتراضية ، وان تصريحه امس بان الهجوم الإسرائيلي "ليس وشيكا" هو جزء من التعمية لإيران، كما أن توتر العلاقة الأوروبية الإيرانية في الفترة الأخيرة- بخاصة بعد بيان وكالة الطاقة الدولية النووية- يغري نتنياهو للاستثمار. وكل ذلك الكذب المنسق من ترامب ونتنياهو يبدو انه اثمر في "استرخاء إيراني "، ومن الواضح أن توزيع الأدوار بين ترامب ونتنياهو انطلى على الإيرانيين بنسبة ليست بسيطة، ولعل وقوع هذا القدر من القتلى من القيادات العليا في المؤسسة العسكرية دليل على " عدم يقظة مفرطة".

من جانب آخر، فان أدوات الهجوم الإسرائيلي بطائرات (200 طائرة عسكرية ومسيرة طبقا لبعض التقارير الأولية) ومئات الصواريخ تبعث على التساؤل: من أين مرت كل هذه الترسانة الى الأراضي الإيرانية ، لا شك أن ذلك سيكون من أراض عربية(وربما من أذربيجان ولو أن الاحتمال ضعيف هنا أو بعضها من داخل ايران )، وهو ما يذكرنا بدلالات نقل إسرائيل من تبعيتها للقيادة الأمريكية الوسطى الأوروبية الى تبعيتها للقيادة المركزية التي تعمل في المنطقة العربية والت أشرت لها كثيرا في مقالات سابقة.

وتتوالى الأخبار عن رد إيراني أولي "بحوالي مائة مسيرة"، لكن تفاصيل بداية الرد الإيراني ما تزال غير واضحة، وهل سيتواصل.؟

من الواضح أن الهدف الوحيد الذي تجنبته إسرائيل حتى الآن هو المرافق البترولية، كما أن الأهداف النووية الإيرانية موزعة بين أهداف "المفاعلات (للتخصيب أو إنتاج الماء الثقيل ..الخ) ومناجم اليورانيوم والمواقع العسكرية المحيطة أو الحارسة لها ، ونعتقد أن النظام الإيراني في موضع اختبار تاريخي ، فإذا لم تفق أفعاله أو على الأقل تتوازى مع تهديداته ، فسيفقد قدرا كبيرا من مصداقيته، لأن القاعدة هي لا تقل لي ولكن دعني أرى.

ماذا بعد:

اعتقد أن أي صراع بين إسرائيل واي طرف عربي أو إسلامي أو دولي يصب في صلب المصلحة الفلسطينية بشكل مباشر ، سواء كان هذا الصراع عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا أو غير ذلك من أشكال الصراع ، أنا أتمنى أن تتصاعد المعركة بين إسرائيل وايران ، وعلى كل دول المنطقة أن تدرك أن وجود إسرائيل بحد ذاته هو السبب الرئيسي في كل الاضطرابات التي تصيب المنطقة العربية أو الشرق أوسطية منذ ما يفوق ٧٥ سنة ، فإسرائيل ضربت عسكريا الأردن وسوريا والعراق ولبنان واليمن ومصر والسودان وتونس وايران، واغتالت شخصيات وعلماء عرب ، وتتدخل في الشأن العربي – من مناهج التعليم الى الاقتصاد الى البترول الى المياه الى السياسات المختلفة وصولا الى الشأن العسكري والتجسسي بل والعمل المحموم لتحريك الثقافات الفرعية في الجسد العربي.

كل عمل مهما كان ومن أي طرف ضد هذا الكيان مرحب به ...مهما كانت نتائجه..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات