المأزق الاسرائيلي

بغض النظر عن رأيي الشخصي في حل الدولتين الذي لا يمل الرئيس الأمريكي من ترداده، فاني سأتناول " المأزق الاسرائيلي" فقط في التعاطي مع هذا الحل .

فلو نظرنا في مواقف دول العالم سنجد أن جميع القوى الكبرى (امريكا وروسيا،الصين، الاتحاد الاوروبي، الهند واليابان ودول الاتحاد الافريقي ودول الجامعة العربية ، واعضاء منظمة الدول الامريكية، وبمجموع 178 دولة من دول العالم) ( حوالي 93% من سكان العالم) مؤيدة لها الحل ...وهنا المأزق الاسرائيلي ، فما هي البدائل امام اسرائيل ،انها ثلاثة بدائل هي:

أولا: الموافقة الرسمية الاسرائيلية على حل الدولتين:

إذا وافقت اسرائيل على هذا الحل (واول الداعين لهه هو امريكا وهو ما يكرره بايدن باستمرار ) ، فان الانقسام حوله داخل المجتمع الاسرائيلي يشير استنادا لسبعة استطلاعات رأي خلال الفترة من 2017 الى آخر استطلاع في نوفمبر الماضي، يشير الى ان معدل المعارضين يشكلون 48% مقابل 52% يوافقون عليه، ويتكون الطرف الرافض (نصف المجتمع تقريبا ) من اليمين واليمين الديني المتطرف، ثم ان القبول بحل الدولتين يعني خلع اكبر عدد من المستوطنات والتي يصل اجمالي عدد سكانها حوالي 750 الف نسمة في الضفة الغربية والقدس (ما يساوي عدد اسرائيل عند انشائها)، ولعل سابقة اخلاء مستوطنة ياميت من سيناء وبعدها غزة (2005)، يشير الى ان الاقدام على خلع المستوطنات قد يفجر حربا اهلية او مستوى عال من العنف داخل المجتمع الاسرائيلي، ويكفي ان نُذَكر بأن من اغتال اسحق رابين كان من بين عناصر هذا اليمين، ولا بد من معرفة ان هناك "داعش يهودي" ولا يقل جنونا عن داعش المعروفة. فاليمين السياسي والديني في الضفة الغربية او في "اسرائيل " قبل حرب 1967 لن يقبل بهذا الحل، وبخاصة ان وزنهم التصويتي والديموغرافي يقارب النصف.

ثانيا: إذا رفضت اسرائيل رسميا حل الدولتين:

رفض الحل يعني مواجهة مع الموقف الدولي وعلى راسه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وهو امر أدرك الكثير من قادة الاحزاب واهل الفكر والرأي في النخبة الاسرائيلية مخاطره على المدى البعيد، ولعل مصير جنوب افريقيا العنصرية حاضر في أذهان هذه الشريحة، فلو افترضنا ان مجلس الامن اجتمع لاتخاذ قرار بفرض حل الدولتين ومطالبة المجتمع الدولي الالتزام بالقرار، فكيف ستواجه اسرائيل هذه الكتلة الدولية؟ فهذا مآزق لا يقل إشكالا عن الأول.

ثالثا: البديل الثالث هو القبول الشكلي بالحل:

قد تقبل اسرائيل الحل ، ثم تحاول تكييفه بشكل يجنبها اي من المأزقين، مثل القبول الشكلي واتخاذ بعض الاجراءات ومحاولة القول بانها ستوافق على الحل بعد ان يتم تطبيع كل الدول العربية والاسلامية معها ،وبعد ان يتم نزع سلاح كل عناصر المقاومة ،وبعد ان يتم تحديد الحدود السياسية، واشتراط حق التفتيش الاسرائيلي على بعض الجوانب، ومنع دولة فلسطين من الدخول في اية اتفاقيات دولية الا بموافقة اسرائيلية...الخ، فشايلوك لديه الخبرة الواسعة في هذا المجال، وهكذا تبدو اسرائيل بأنها استجابت للموقف الدولي وتجنبت اضطرابا عميقا داخلها.

إذن: ما الخلاصة؟

ذلك يعني، ان القبول العربي وبخاصة المقاومة الفلسطينية المسلحة لا "المشلحة" بهذا الحل، يجب ان يضع قائمة لكل الشروط المحتملة التي ستتحايل اسرائيل من خلالها ويضع ما يلجمها قبل طرحها واعتبار حدود 1967 هي الحدود التي نص عليها قرار 242 وقرار 338.

ما سبق لا يعني أنني من دعاة هذا الحل، ولكن إذا تم قبوله فأضعف الايمان ان يكون قاعدة لوضعٍ يمكن للأجيال القادمة ان توظفه نحو فلسطين التاريخية، ولن يتم هذا التأسيس الا بوضع خطة متكاملة وبكيفية لا تجعل هذا الحل مليء بالثغرات كما كان الوضع في اوسلو خاصة بعد ان نفذت اسرائيل من كل هذه الثغرات لان المفاوض الفلسطيني كان مجرد "بائع في دكان أو تم لاحقا تعيينه من شارون"…

هذا هو المشهد المحتمل القادم على المدى الزمني المتوسط…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات