إذا رُفعت الطوارئ.. حضرت الأسئلة

Photo

انتهت حالة الطوارئ. وكان يفترض أن تتناهى إلى أسماعنا الزغاريد تنبعث من كل بيت، أو على الأقل من مليون فم.. رِي رِي رِي... فرحا بشيئين اثنين، تحقيق الأمن من جهة ونجاح القيادة من جهة أخرى، بما يساوي أكبر إنجاز أو الإنجاز الوحيد الذي تحقق طوال هذه السنة. ولم يبق إلا عرضه والترويج له مساء صباحا، باستعمال كل وسائل الإعلام المتوفرة العمومية والخاصة، وهي ولا شك مناسبة للمشاركة في أفراح الوطن. لقد انجلى عنا "خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها"، حسب عبارات الفصل 80 من دستور 2014 الذي لم يتذكره الرئيس يوم أعلن حالة الطوارئ، وإنما استظهر آنذاك بقانون بورقيبة الذي أصدره يوم الخميس الأسود ذات 26 جانفي 78. ومهما يكن فإن المهم اليوم أنه وأطقمه المختلفة اتفقوا على أن البلاد اجتازت مرحلة الخطر. هذا إنجاز. رِي رِي رِي.

لكن بعيدا عن ذلك، هل نرى أحزابا تناقش وتقيّم حصيلة حالة الطوارئ؟ الأحزاب التي استُشِيرت فأشارت برأسها، هل نراها تدافع عن الحصيلة الإيجابية للطوارئ أو تقنعنا بما تغير بالضبط خلال الأشهر الثلاثة الماضية؟ وهل نرى مجلس نواب الشعب يطرح المسألة للنقاش حتى نتجنب في المستقبل اتخاذ قرارات مماثلة لا جدوى منها أو حتى تتضح الشروط التي يجب توفرها لإعلان الطوارئ أو التمديد فيها إن تبينت الفائدة منها؟ هل نرى نواب الشعب يناقشون ما صاحب الطوارئ من اختراق لدستور 2014، وخاصة ما يتعلق بالحريات ومن بينها حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الإعلام؟

هل نرى وزارة الداخلية تبين لنا كيف ساعدتها حالة الطوارئ على ضبط الأمن والسيطرة على الإرهاب؟ وهل أنه بدون حالة الطوارئ لم يكن بإمكانها أن تقبض على المشتبه فيهم؟ ثم وهذا الأهم: هل أن ممارسة التعذيب وقمع المتظاهرين السلميين مما استوجبته حالة الطوارئ؟ أم هل نسمع اعتذارا على تلك الممارسات الجديرة بالعهد النوفمبري؟ أم علينا أن نتغاضى على مثل تلكم التجاوزات؟

كذلك بالنسبة لمجلس الأمن القومي الذي من المفترض أن يكون في حالة انعقاد دائم خلال فترة الطوارئ، كيف لم ينعقد ولا مرة واحدة إذا استثنينا الاجتماع الذي تم غداة حادثة سوسة، يوم 28 جوان، أي قبل أسبوع كامل من إعلان حالة الطوارئ؟ وحينئذ، فمن كان يتولى بدلا عنه "تقييم التحديات الداخلية والخارجية" والتداول في "الخطة الوطنية للأمن" و"تنسيق العلاقات الخارجية في مجال الأمن الوطني" كما ينص على ذلك الأمر المتعلق بالمجلس؟ وهل بإمكان مستشاري الرئيس لوحدهم أن يتولوا تلك المهام الأمنية الدقيقة في فترة حساسة مثل فترة الطوارئ تتطلب كفاءات فعلية في الأمن والدفاع؟ ومن خول للمستشارين أن يقوموا بدور يتجاوزهم أم أن الأوضاع لا تستوجب اجتماع مجلس الأمن القومي؟ وفي هذه الحالة ما هو مبرر إعلان الطوارئ أصلا؟

مثل شعبي: "الكذاب زيد شوية، وعاود اسألو"

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات