الصيهودي..

عبارة الصهاينة لو نُعت بها عربٌ مثلا، لاعتبرت سبّة، أما أن ينعت بها صهاينة، فهي ليست كذلك، بل لعلها عندهم أفضل تسمياتهم وأكثرها تشريفا لهم، أضف إلى ذلك، فاستعمالها يتضمن نوعا من التبرئة للإسرائيليين من الجرائم التي يقومون بها حاليا في غزة، أي كأن الصهاينة هم المتطرفون منهم مثلا بمعنى فئة من الإسرائيليين فقط، أما عمومهم فلا صلة لهم بتلك الجرائم. وبالتالي فتسميتهم بالإسرائيليين أدق.

يبقى أن من يحملون جنسيات أخرى ويعيشون في بلدان أخرى، نتكلم عن يهود وصهاينة خارج الكيان، وفي كثير من الأحيان، كثيرون يقدمون أنفسهم على أنهم يهود، ولكن عندما تحين الفرصة لهم يدعمون من مواقعهم السياسة الإسرائيلية بل ويفدون الكيان بدمائهم.. هؤلاء يمكن تسميتهم حسب ما أرى بالصيهود.

خذ مثلا، ميشال بوجناح، اليهودي من أصول تونسية، بيّن لمن لم يكن يرى ذلك سابقا أنه صهيوني. فقد كان ضمن عشرين يهوديا فرنسيا بادروا بدعوة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى ربط الاعتراف بدولة فلسطين بإعادة الرهائن وتفكيك حماس (كذا). والأكيد أن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا الداعم للكيان والذي كان وراء عريضة ميشال بوجناح سيستعمل كل نفوذه وعلاقاته من أجل أن يفرغ ذلك الاعتراف من معناه.

وبالمناسبة، تتذكرون برمجة ميشال بوجناح لتقديم عرض في مهرجان قرطاج في صائفة 2017، وقد أثار ذلك جدلا واسعا، إثر المطالبة بإلغاء ذلك العرض، وفي خضم ذلك صدرت عريضة مؤيدة له، نشرت تحت عنوان "فنانون ومثقفون تونسيون من أجل الإبقاء على عرض ميشال بوجناح". بإمكانكم أن تطلعوا على قائمة طويلة عريضة منهم، تتحدث عن "تغليب المصلحة الوطنية"، و"رفع لواء حرية الفكر والتنوّع". لغة تريد أن تقنع المتلقي بالتنوير الذي تقوم به نخبة متفتحة وحداثية في مجتمع متعصب.

المهم الآن أن كثيرا ممن وقّعوا على تلك العريضة المؤيدة لبوجناح، ينطبق عليهم الآن القول بأنهم كانوا مغفّلين أو طمّاعين، وهذا من باب الرأفة، حسب لغة محللي الكرة، غير ذلك فإن عريضتهم -كما هو واضح الآن- تندرج تماما ضمن التطبيع الفني والثقافي، إن حاكينا عنوانها، أو حتى التطبيع الجامعي بما أن أغلبهم جامعيون كما ذكروا أمام أسمائهم. وإمضاءاتهم تورطهم في ذلك التطبيع.

مثلهم مثل أولئك الذين على هذا الفضاء، لا يتحمسون لمبادئ أو لقيم وإنما لأشخاص، ظنا منهم أنهم يتشاركون معهم في نفس المواقف بحيث يتصورون أنهم ينتصرون لمواقف جيدة أو قيم سامية أو أهداف جميلة، والحقيقة أن مواقفهم لا تلزمهم إلا هم. وفي هذه الحالة فانتصار "فنانين ومثقفين تونسيين" لميشال بوجناح، لم يكن لفنّه ولا للحرية، وإنما أظهرهم في دعم لموقفه كصيهودي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات