ثلاثة في اتجاه واحد..

كلها تصب في اتجاه واحد. جبهة الخلاص والأحزاب الخمسة واتحاد الشغل. كل طرف منها يتحرك دون تنسيق بينها على أي مستوى، أو ربما يراها البعض منها أو من خارجها بأنها تتنافس أو تتزاحم أو حتى تتعارض، إلا أن الجيد رغم كل ذلك أن عواصفها تتجه جميعا نحو رأس الانقلاب شخصيا. سواء كان الهدف المعلن هو إسقاط الانقلاب، أو إسقاط الاستفتاء، أو تحسين المقدرة الشرائية.

نعم هذا جيد. لكم أن تتذكروا أن مكونات هذه الأطراف لم تكن على رأي واحد غداة انقلاب 25 جويلية. نعم هناك من كان محرضا عليه قبل ذلك بأشهر، ولم يكن له من عمل سياسي إلا التحريض على الحياة الدستورية. وها هو اليوم يتحرك كأنه لم يكن هو، جيد، وليس الوقت الآن لمحاسبته أو حتى محاكمته سياسيا أو حتى مجرد دعوته للاعتذار. المهم أنه اليوم ضد الانقلاب.

الواضح أن جبهة الخلاص هي الطرف الأكثر راديكالية في هدفها، إسقاط الانقلاب. واتجهت نحو نوع من الهيكلة. والأهم من ذلك أنها هي التي قلبت موازين القوى في الشارع ضد الانقلاب، حتى غدا كلامه عن شعبيته مجرد عواء، وغدا كلامه باسم الشعب مثيرا للسخرية.

الأحزاب الخمسة المسماة اجتماعية وقفت إلى حد الآن عند نقطة إسقاط الاستفتاء، وكأن ذلك بغاية التمايز عن جبهة الخلاص، أو أن قوتها في الشارع لا تمكنها إلا من استهداف الاستفتاء، وعلى أية حال بإمكانهم الدفاع بأن إسقاط الاستفتاء خطوة أساسية في طريق إسقاط الانقلاب.

اتحاد الشغل يبدو الآن الطرف الذي يناضل على الجبهة الاجتماعية الاقتصادية، وما إعلان إضراب 16 جوان إلا دليل على ذلك. وهذا قرار هام، لم يكن يتصوره أحد قبل مؤتمر صفاقس، ولم يكن ممكنا وقتها. والأمر لا يتعلق بتبدل موازين القوى في الشارع وإنما بتبدل بعض الموازين داخل الاتحاد نفسه، ولا يغيبن أن ذلك يتزامن مع تراجع القوميين في المركزية النقابية، وقد مس ذلك في نهاية الأسبوع الأخير قطاع التعليم الأساسي، وإذا كان القوميون هم السند الأساسي للانقلاب، من حركة الشعب إلى التيار الشعبي، إلى بقايا الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، فإن تراجعهم في الساحة النقابية كان ضريبة دعمهم للانقلاب، من جهة، والأهم من ذلك أنه حرر الاتحاد نسبيا من تأثيراتهم داخله، ومن هنا نفهم المواقف الأخيرة للاتحاد.، وصولا إلى إضراب 16 جوان وما قد يستتبعه من تحركات أخرى أو ردود أفعال ضد الاتحاد.

الأطراف الثلاثة : جبهة الخلاص والأحزاب الخمسة واتحاد الشغل، تتحرك دون تنسيق ولا تفاهم، وهو ما يمنح الانقلاب أنفاسا إضافية، وأملا في بقائها متباعدة عن بعضها، وحبذا يتمكن من استخدام بعضها ضد البعض الآخر، كما فعل النظام النوفمبري في مطلع التسعينات مع معارضيه، إلا أن الحد الأدنى غير المواتي له حاصل إلى حد الآن وهو أنها تقف جميعا ضد الانقلاب.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات