14 المجيد..

فالشعب وقف فيه وقفة واحدة انتهت بفرار المخلوع. والذين لم يكونوا يحتفلون به هم الذين كانوا مستفيدين من النظام النوفمبري، وهذا من حقهم والمسألة عندهم مسألة مصالح وربح وخسارة، وهذا مفهوم تماما.

وأما الذين كانوا يحتفلون به وتنكروا له اليوم، من أحزاب وأفراد، فإنما تأييدا لقيس سعيد الذي أراد أن يمحو هذا اليوم من تاريخ تونس، فهم مخازنية والمخازنية يؤيدون دائما الحاكم، لا رأي زلا موقف لهم، فإن لم يكونوا كذلك فهم يكشفون أنهم كانوا كذابين، وإلا فما الذي دعاهم إلى الاحتفال سابقا بعيد الثورة والنزول بأعلامهم وخطبائهم إلى شارع بورقيبة، واستنكار ذلك اليوم باعتبار 14 كان يوم الانقلاب على الثورة؟

يوم 14 المجيد، هو اليوم الذي فرض فيه الشعب رأيه على حاكم مستبد وفيه، عشرات الآلاف من التونسيين أمام الداخلية التي كانت منذ العهد الفرنسي مصدر الرعب ورمز التعذيب والتنكيل بالمعارضين، يواجهونها بصدور عارية وبوجوه مكشوفة بعد أن عاشوا طويلا لا يجرؤون حتى على التملّي في النظر إليها وهم يمرّون أمامها، لِما تمثّله من رمزية، ولما تركته على أجساهم أو في نفوسهم من ندوب وجروح غائرة، يقفون في مواجهتها: ديغاج، ديغاج، أن ارحل.

لقد كان ذلك الوقوف المشهود في يوم الثورة المجيد، عبارة عن حصة علاج جماعي لسنوات الوجع والمعاناة، سقط الخوف وانزاح الصمت واللامبالاة. الشعب يريد.. إسقاط النظام. إرادة الشعب كانت في شارع بورقيبة بين تلك الجموع بأصولهم الاجتماعية والجغرافية المختلفة والمتنوعة، نعم هم من شمال البلاد ومن جنوبها من شرقها وغربها. أكيد هناك من انزعج ومن هلع ومن خاف ذلك اليوم، وهؤلاء هم الذين يسعدهم اليوم شطب ذلك اليوم من تاريخ الشعب التونسي. وليس من السهل تخطي ذلك اليوم المجيد، فقط تلك المحاولة تكشف عن أن من يقف وراءها لم ينزل ذلك اليوم لسبب أو لآخر، أو حتى خوفا مما سيجري.

تحية للأحرار الذين عبروا عن إرادة الشعب التونسي في ذلك اليوم المجيد في ذلك المكان بالضبط الذي يسيّجه اليوم عابرون حتى يمنعوه عن المحتفلين بذكراه، قد كنتم فاعلين في التاريخ، وسجلتم ما حدث في ذلك اليوم المجيد. ولابد لليل أن ينجلي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Mounir
15/01/2022 15:47
Chapeau bas pour les ames libres qui sont descendues à la rue pour fêter la commémoration de la révolution mais aussi pour contrer le veto de Kais Said et de ses sbires qui veulent faire de la Tunisie un gulag à la cambodgienne.