قيسُون لَسْتَ وحدَك..

من الشعارات التي يرفعونها ويرددونها في كل مكان "قيس سعيد، لستَ وحدَك" أو "كُلّنا قيس سعيد"، حيث "كلنا" تعنيهم "هم" أي أنصاره وحدهم، الذين يتبجّحون برفع هذا الشعار كتعبير منهم لدعمه المطلق واللاّمتناهي في كل الإجراءات التي يتخذها، مهما كانت طبيعتها، ودون استشارتهم بطبيعة الحال، وهم مستعدون للدفاع عنها. رعايا لا مواطنون.

"لست وحدك" تعني أنهم معه سواء كان تعبيرهم عن ذلك صدقا، أم نفاقا، أم طمعا فيما يمكن أن يجود به عليهم، فهم ملتزمون بما يفعله أو ما يقرّره، يتقاسمون إجراءاته معه ويشاركونه مسؤوليتها، وبالتالي فكل ما يفعله ويصدر عنه لا يجب أن نرجعه إليه وحده، وإنما من باب العدالة أن توزع النتائج على قدر المتحمسين والداعمين له توزيعا عادلا عليهم جميعا. وها نحن نعطيهم حقهم منذ الآن في الحصيلة النهائية. نعم ريع الانقلاب يعود إليه وإلى داعميه متمثلين في ما يمكن تسميته -والتسمية من عندي- بـ"الجبهة القومية" التي تتشكل كما هو واضح من أطراف سياسية وإيديولوجية، هي:

أولا- قوّادة الشُّعب الترابية والمهنية ممن كانوا القوّة الضاربة للتجمع المنحل؛ رغم أن هؤلاء لم ينتخبوه ولن يفعلوا ذلك في المرة القادمة، وإنما دعمهم له مؤقت؛

ثانيا- تشكيلات قومية عربية (ليست كلها) اختلفت فيما بينها، ولكنها توحدت حول قيس سعيد، فيها أحزاب وأفراد موجودون في اتحاد الشغل وفي الإعلام والإدارة وغيرها؛

ثالثا- الوطد التاريخي المنحدر من منظمة الشعلة، رغم تشظيها إلى أحزاب ومجموعات وأفراد فإنها توحدت حول قيس سعيد، سواء كان المنحدرون منها في اتحاد الشغل أو الإعلام أو رابطة حقوق الإنسان وغيرها.

يمكن أن نضيف إلى تلك الأعمدة الثلاثة تنسيقياته.

هؤلاء جميعا يتحملون مسؤولية ما حدث أو ما قد يحدث في البلاد من خروقات لحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة، هم يشاركون النظام مسؤولية إحالة مدنيين على محاكم عسكرية، وسجن معارضين سياسيين وإعلاميين، وترويع عائلاتهم وكل ما يؤدي إلى عودة البلاد إلى مربع الاستبداد وخنق الحريات، في انتظار أن تدور عليهم ماكينة القمع والاستبداد مثلما فعلت في عهد بن علي عندما فرغت من معارضيه لتلتهم مؤيديه من سياسيين، ونقابيين، وإعلاميين، وغيرهم.

نعم هم الآن لا يتصورون أن يحدث لهم ما حدث آنذاك لمحمد مواعدة أو عبد الرحمان التليلي أو إسماعيل السحباني، ولكن لابد من تحميلهم مسؤولية ما يحدث الآن وما سيحدث من قمع واعتداء على الحريات وعلى حقوق الإنسان وعلى الديمقراطية، على الأقل انسجاما مع قولهم إن قيس سعيد ليس وحده، نعم ليس وحده وإنما هم معه وهم شركاء له في كل شيء. فقط لا تتنصلوا من مسؤوليتكم، والتاريخ يسجل.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات