تحت السيطرة تماما..

في مصر، الوضع تحت السيطرة تماما، لأنه من المستحيل أن لا يتعاطف مصريون مع الغزاويين، أو أن لا يهتزون لما يحدث على حدود بلدهم، دعك من روابط العروبة أو الإسلام أو حتى الإنسانية، وإنما على الأقل من باب الجيرة، أو حتى من باب القرابة الدموية والمصاهرة. ولكن، لا حياة لمن تنادي!

النظام المصري الذي لا يمكن تلخيصه في السيسي، استطاع أن يمسك الأمر بقوة، فبحيث أمامنا بلد يعيش منذ عامين قمريين على وقع الإبادة على حدوده، بما يزيد عن مائة مليون بلا صوت، في حالة الصُّمّ البُكم. نتذكر أنه كان يُقال لهم ولأمثالهم سابقا "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، فيصمتون، والآن لا معركة ولا صوت، ولا علوّ، ولا حركة، لا مظاهرات ولا احتجاجات ولا تضامن، ولا عروبة ولا إسلام. مائة مليون بلا اسم، ولا مجنون بينهم ركب رأسه وفعل ما يفعله المجانين في مثل هذا الوضع. المجانين أنفسهم تحت السيطرة.

وحيث أن فلسطين عند الناصريين قضيتهم المركزية، أينهموُ؟ أين أولئك الملايين الخمسة الذين صوتوا لزعيم الناصرية حمدين صباحي في 2012؟ الواضح أن قمع الإخوان، قد أسفر عن القضاء على الناصريين أيضا، لكن دون أن يدخلوا السجون أو يقع تشريدهم في الآفاق، فوق الربوة. والواضح أيضا أن الإخوان، عدوّهم أو منافسهم السياسي والإيديولوجي، كانوا يشكّلون حافزا لهم، ليس للنشاط فقط وإنما للوجود أيضا. فلما غابوا، غابوا هم أيضا. وغابت مصر.

في مثل هذه الأيام، ذات ما كان يُعرف بثورة 25 يناير، التي يسمّيها كثير منهم بالربيع العبري، ويعتبرونها مؤامرة أمريكية على العرب أو على "الدولة الوطنية"، حوصرت السفارة في القاهرة، وتطاير أرشيفها في الشارع. الأكيد أن ذلك ما كان ليعزُب عن نظر المخططين المتآمرين الحقيقيين، الحريصين على مصالحهم وعلى مستقبلهم في مصر والمنطقة، وكانت الانعطافة في 30 يونيو التي سماها القائمون بها، ومن بينهم الناصريون، تصحيحا للمسار الثوري، بالدبابة، ولكنه كان انقلابا على ديمقراطية ناشئة، والباقي نعيشه الآن. حيث لا وجود لمصر على الخارطة، ولا وجود للناصريين على الساحة. تحت السيطرة تماما.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات