الرئيس والرقص..

سيسجل التاريخ أن قيس سعيد ينظر بمنظارين، أحدهما لمن هم معه، شعبه الذي يريد، والآخر لمعارضيه الذين سماهم بالمخمورين وبالحشرات. فهو يستعمل منظارا مصغرا لهؤلاء فلم يرهم في وقفة 18 سبتمبر إلا في حدود عشرات ممن وزعت عليهم الأموال، كما قال، ولكنه كان مشككا فيما يقول ولولا ذلك لما بدأ خطابه بالحديث عن وقفتهم أمام المسرح البلدي.

ولو كانوا بالفعل عشرات لما كلف نفسه عناء الإشارة إليهم في خطاب تنقل من أجله إلى سيدي بوزيد. وأما المنظار الذي يستعمله قيس سعيد عندما ينظر إلى شعبه الذي يريد، فهو منظار مكبر مضخم مخرف (من خرافي) إذ رآهم من خلاله 1 مليون و800 ألف. جاؤوا كما يقول بدون أن يدفع لهم مليم من أي كان، بلاش فلوس، وكأن سياراتهم وحافلاتهم التي قدمت من أقاصي البلاد تستهلك الماء.

صحيح أن موقع رئاسة الجمهورية سحب الخطاب الرئاسي الذي ألقي مرتين، دون أن يقدم تفسيرا لذلك، وهو ما نفهم منه أنه يكذّب عمليا الرقم الخرافي المصرح به والذي يبقى في التاريخ، 1 مليون و800 ألف.

إلا أن ما يجمع بين الخطاب المسحوب وخطاب سيدي بوزيد هو الحديث عن الرقص، فالرقص عند السيد الرئيس يمكن أن يكون سبة، فقد رسم تعارضا بين المكان الذي يخطب فيه في سيدي بوزيد وبين "مدارج المسرح أو على مدارج وضعت للرقص بعد توزيع الأموال" على المخمورين، فمكان الرقص هنا ارتبط بالمعارضين الذين نعتهم قبل ذلك بـ"الممثلين وهم من أسوأ الممثلين".

أما في الخطاب المتفصى منه فيتحدث عن رقص مناشديه بإعجاب متوجها إلى "من يتحدث عن انقلاب، فلينظر في الزغاريد ولينظر في رقصات حتى الشيوخ فرحا بهذا المنعرج". فبحيث أصبح الرقص تماما مثل الزغاريد دليلا على أنه ليس انقلابا.

الحاصل أن الرئيس يصر على أن الرقص رقصان، والشعب اثنان، من معه هو "الشعب يريد" وفي رقصه موقف سياسي، والآخرون مخمورون أو حشرات على مدارج الرقص الحرام.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات