كورونا وابن خلدون

Photo

الاهداء: الي المسلم الأخير

كيف نعرف ان امة ما في طريقها الي الانقراض؟ عندما لاتدفعها الاحداث الكبار الي الحيرة والتفكير ومراجعه مسلماتها،وانما تواصل نائمة على دهرها مطمئنة.لماذا ابن خلدون وكورونا؟ ذلك، اولا، لان ابن خلدون قد عاصر طاعونا جارفا،وهو ما حثه على التفكير والكتابة واكتشاف " قواعد العمران": " هذا العهد،وهو اخر المأئه الثامنة قد انقلبت احوال المغرب الذي نحن شاهدوه وذلك لما نزل بالعمران شرقا وغربا من الطاعون الجارف الذي تحيّف الامم وذهب باهل الجيل".

وثانيا،لان الطاعون قد شكل صدمه جعلت ابن خلدون يتخلى عن التفسير " الشرعي" للحوادث ويؤسس تفسيرا سببيا، وهذا ما جعله في الاخير يقدم تفسيرا طريفا لمفهوم " الاستخلاف".يقول في المقدمة في الفصل 12 من الباب السادس الذي يعنونه " في ان عالم الحوادث الفعلية انما يتم بالفكر": " واستولت افعال البشر على عالم الحوادث بما فيه. فكان كله في طاعته وتسخيره. وهذا معنى الاستخلاف المُشار اليه في قوله تعالى (أنى جاعل في الارض خليفة).. وعلى قدر حصول الاسباب والمسببات في الفكر مُرتبة تكون انسانيته". ماذا تعني " واستولت افعال البشر.. وتسخيره"؟

تعني اولا ان ابن خلدون قد قطع مع الفهم الغيبي لعالم الحوادث (الطبيعة والاوبئة والعمران). وتعني ثانيا انك لا تستطيع ان تسيطر على عالم الحوادث بالأدعية والابتهالات وانما بالفكر ومعرفه الاسباب،اي معرفة " ما قبل" و " ما بعد" وقد قال ذلك صراحة " حتى تنزع من التقليد يدك وتقف على احوال ما قبلك من الاجيال والايام وما بعدك" ( هذا فيما يخص علم العمران).

وهو ما نستطيع ترجمته فيما يخص الطبيعة بمعرفه الاسباب والنتائج. ماذا يعني ب " حتى تنزع من التقليد يدك"؟ اي دعك من الأدعية وخذ بالأسباب. بطريقة اوضح: لا يمكن ان ننتج " معرفة" ونسيطر على حادث الا بنزع ايدينا من التقليد اي من العقل الفقهي. لا دخل للإيمان في الامراض والاوبئة.

من هو المستخلف المقصود في الآية؟ هو الفكر الانساني الذي يربط الاسباب بالمسببات. وكلما ترقى الانسان في سلم العلم " تكون انسانيته". ليس هناك مِلة بعينها مستخلفة لسواد عينيها وليس هو الانسان عموما وانما فقط من يكدّون ويفكرون ويكتشفون الاسباب والمسببات.

ماذا تفيد الأدعية ان انت لم تكتشف الاسباب؟ وان اكتشفتها لماذا الادعية؟ قرون ونحن ندعوا وقرون وهم يبحثون. " يا رب عاون الكفار باش يلقوا دواء للمؤمنين".

ملاحظة: اعتمدت في هذا على " الهوية والحرية" لفتحي المسكيني حيث تجدون مقالين مهمين حول ابن خلدون.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات