هل يُحوّلُ السيسي 7 اكتوبر الي هزيمة؟

تحويل العسكر في مصر الانتصارات الي صفقات وهزائم ليس امرا جديدا، لنتذكر حرب اكتوبر وصفقة السادات مع كيسنجر. يجري الحديث هذه الايام عن " صفقة كبرى" في الدوحة حيث يلتقي مدير السي اي ايه والموساد ومدير الاستخبارات المصرية.

لنقترب من هذه " الصفقة الكبرى" علينا ان نستمع الي السيد سمير غطاس، رئيس " منتدى الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية". هذا الرجل قريب جدا من الاستخبارات المصرية ومن دوائر القرار المصرية.عندما نراجع مواقفه قبل 7 اكتوبر وبعدها نجدها تتطابق مع هواجس واهداف النظام في مصر.

ماهي الصفقة الكبرى التي تُناقَشُ في الدوحة؟

لا يمكن ان يلتقي الرجل الثاني في الولايات المتحدة مع الرجل الثاني في مصر مع رئيس الموساد من اجل اطلاق بعض الرهائن في كل اربعة ايام، ذلك تفصيل في ترتيبات اخطر. الامر يتعلق بغزة بعد الحرب، وهنا تلتقي مصلحة النظام المصري مع " اسرائيل" مع الامريكي: ليس من صالحهم انتصار المقاومة وبقاءها مسلحة في غزة.

يقول سمير غطاس في اكثر من مناسبة ان الصفقة الكبرى هي ايقاف الحرب وتبادل واسع للأسرى مقابل تحوّل حماس الي حزب سياسي غير مسلح وخروج قادتها الي قطر وتركيا،اي القاء المقاومة لسلاحها.

هذا يعني:

- تحقيق " اسرائيل" لأهدافها التي عجزت عن تحقيقها آلتها العسكرية.

- تحقيق الولايات المتحدة للأهداف التي رمت بكل ثقلها من اجل تحقيقها.

- تحقيق النظام المصري لأهدافه التي عبر عنها منذ اليوم الاول على لسان السيسي: حين قال " على اسرائيل انجاز المهمة في اسرع وقت":القضاء على حماس واخراجها من غزة. كابوس السيسي هو نفسه كابوس " اسرائيل": قيام دولة " اخوان" - والتعبير لسمير غطاس-مسلحة على حدودهما، لذلك يُلِحُّ السيسي على " دولة فلسطينية منزوعة السلاح"،

إضافة الي ان انتصار حماس يعني ، بالنسبة للأنظمة العربية، عودة بقوة " للإسلام السياسي". ان التهديد الوجودي التي تواجهه انظمة التطبيع من انتصار المقاومة هو نفس التهديد الذي واجهته خلال الثورات العربية، وليس صدفة ان تُخرب الدول الخليجية الثورات وان تُطالب الان بذبح حماس.قال ناتنياهو من اليوم الاول " اذا هُزمنا فالدور قادم على حُلفائنا في المنطقة"، وعندما سُئل " بايدن" عن موقف الدول العربية من هدف سحق حماس قال " هناك امور لا استطيع البوح بها".

هل تقبل حماس والجهاد بهذه الصفقة؟ ذلك من المستحيل، لأنه يعني تسليم رقابهم ل" اسرائيل" وموت حقيقي للكفاح المسلح الذي هو عقيدة عندهم، ونهاية للقضية الفلسطينية: يعني تحويل 7 اكتوبر الي هزيمة.

المعادلة هي معادلة صفرية: إما انتصار الحلف العِبري او انتصار المقاومة.

اقتراح " تنظيف السجون" او " الكل مقابل الكل" مقابل تسليم المقاومة لسلاحها، هو مكسب غير استراتيجي مقابل هدف استراتيجي، وهذا لن تقبل به المقاومة.

مالذي في يد " الحلف العبري" لفرض الصفقة؟

- التلويح باستئناف الحرب، وهذا ما تُلوّحُ به " اسرائيل" وامريكا، ولكن هذا خيار ضعيف جدا: اولا اثبت فشله، وثانيا انقلاب في الراي العالمي من الحرب.

- اخطر الاوراق هي معبر رفح: شريان الحياة الوحيد للغزاويين، وهذا ما يجعل النظام المصري يحتل مقعدا مهما في الدوحة.

- ستُلوح الولايات المتحدة وكذلك حلفاءها من العرب بامكانية قيام دولة فلسطينية شرط- وهذا المهم- ان يقع التخلي عن السلاح، وهي خُدعة لن تنطلي الا على عباس والنظام العربي.

ماذا في يد المقاومة؟

- السلاح والارض وإلتفاف الغزاويين حول المقاومة و كذلك الراي العالمي.

- وبإمكان المقاومة ان تُراوغ فتقول " نُقيم انتخابات في الضفة والقطاع ومن يربح يقرر مصير السلاح".

لنُلخّص الامر: بعد فشل الالة التدميرية الصهيونية اصبح الحلف العبري في غاية من الضعف والحرج، وما يحدث الان في الدوحة هو حرب ضروس من الضغوط والصفقات لتحقيق ما عجزت عنه " اسرائيل". حين ييأس " الحلف العبري" من تجريد المقاومة من سلاحها سيعود الصهيوني للقتل مصحوبا بحملة اعلامية واسعة من الاعلام المصري والخليجي يُحمّل فيها المقاومة مسؤولية القتل والخراب والتجويع، وسوف يخرج عباس ليشارك في جلد المقاومة.

ستكون حرب حول السلاح مماثلة تماما للحرب الكلامية اللبنانية حول سلاح حزب الله.سيكون السلاح الاخطر هو سلاح التجويع ريثما ينقلب الغزاويون على المقاومة.بعدها تُستأنف المفاوضات وسيكون العنصر الحاسم فيها مدى إلتفاف اهل غزة على المقاومة وكذلك الراي العام العالمي.اعتقادي ستحافظ المقاومة على سلاحها وعلى خيار الكفاح المسلح و سيخرج النظام المصري والاماراتي والسعودي والسلطة الفلسطينية وحلفاءهم اي " اسرائيل" والولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا بهزيمة عسكرية وسياسية واخلاقية، وحينها نكون امام توازنات جديدة فعلا في الشرق الاوسط. والاهم امام مرحلة تاريخية جديدة تبدأ فيها تصفية الحليفين التاريخيين: الاحتلال والاستبداد.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات