طاغية صغير في الأفق التونسي

Photo

إنه يحاول ويناور ويبحث عن سبيل يحفظ له وجه الرجل الديمقراطي دون أن يتورط مباشرة في العنف والفساد. عن يوسف الشاهد ومناوراته الصغيرة نكتب من أجل كشف حيله الصغيرة للتمكن من حكم بلا منغصات بعد 2019. لقد نوى وسار ولكننا نملك أن نقول له نحن منتبهون.

حادثتان مختلفتا الأهمية لهما علاقة بالإعلام ناور فيهما الشاهد وفريقه لإقصاء خصوم سياسيين وإعلاميين قبل اشتداد الحملة الانتخابية في الصيف. إغلاق قناة نسمة الفضائية وعزل المدير العام للقناتين الأولى والثانية العموميتين. نبدأ بالأكثر أهمية، إغلاق قناة نبيل القروي أو قناة العائلة.

قناة نسمة واجهة سياسية.

بعثت هذه القناة زمن بن علي وكانت إحدى أهم أدوات الدعاية في نظامه من خارج المنظومة العمومية للإعلام الموجه جميعه (عام وخاص) من وكالة الاتصال الخارجي. بعد الثورة انخرطت هذه القناة في كل ما ينغص مسار الثورة وخربت صفوف النخبة بالرشوة والأكاذيب ثم وضعت نفسها في انتخابات 2014 بوق دعاية فج للباجي حتى أسقطت خيارات الثورة نهائيا. في أفق 2019 أعلن صاحبها ترشحه لرئاسة الجمهورية.

هذا المرشح أزعج يوسف الشاهد. لأنه يدخل السباق قبل الجميع ولديه وسيلة دعاية لا يمكن للشاهد أن يملك مثلها. هنا تذكر الشاهد أن صاحب القناة متهرب من دفع الضرائب وإنه يعمل بدون ترخيص قانوني فسلط عليه الهيئة الوطنية للأعلام السمعي والبصري(الهايكا) فأغلقت القناة. لكن الإغلاق لم يدم طويلا.

تحرك القروي في كواليس السياسة فحصل على بيان من النهضة يطالب بعودة الأمور إلى ما كانت عليه. وقابل رئيس الدولة الذي تحدث بكل رقي عن حرية الإعلام. واكتملت الدائرة بالتهديد الذي أطلقه أمين عام النقابة بحتمية فتح القناة. وهي الحالة الوحيدة التي اتفق فيها الأعداء النهضة والاتحاد والرئيس على أمر.

انكشف وجه مناورة الشاهد لم تكن إلا حيلة لإبعاد منافس انتخابي أما مقاومة الفساد والتهرب الضريبي فحجة استعملها بن علي وكل دكتاتور ضد خصومه. انكشف وجه الدكتاتور الصغير الفاشل. وفوق ذلك انكشف له وجه آخر ربما كان يحاول اختباره (رغم انه ليس بهذا الذكاء) أعداؤه كثر ويمكنهم التحالف ضده. إذن ليجرب من باب آخر.

التسلل للإعلام العمومي

ليلة الفاتح من رمضان وفيما التونسيون بين صائم مستبشر بالشهر الكريم وبين مفطر يكافح من أجل حريته في الإفطار بثت التلفزة العمومية (القناة الثانية) خطبة دينية من زمن بن علي افتتحها الخطيب بتهنئة الرئيس بن علي وزوجته الفاضلة. بعد ساعة أو أقل من ذلك انتشرت في السوشيال ميديا دعوة لإقالة المدير العام للقناة الأولى وهو نفسه الذي يشرف بشكل مؤقت على القناة الثانية. ثم اشتدت الحملة لمدة 24 ساعة فإذا هو يزاح من منصبه وأحس الجمهور بالنشوة ونظرنا فإذا زوجة المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة تعد نفسها للمنصب.

انكشفت اللعبة بسرعة وانكشف في الأثناء الجمهور الأحمق في السوشيال ميديا والذي تم تهييجه بذكر بن علي فإذا هو يمهد الطريق للشاهد ليضع شخصا من ثقاته على التلفزة العمومية. لم يتم تعيين السيدة بعد ولكن الطريق مفتوحة. (ليس معنى هذا أن الشخص المقال معارض للشاهد ولكنه ليس مضمونا كي يضع القناة العمومية في مواجهة قناة نسمة المنافسة على منصب الرئاسة).

الدكتاتور الصغير يناور لكنه يخترع لعبا قصيرة النفس من الواضح أن فريقه منزعج من فقدان وسيلة دعاية مباشرة وأنه يحاول أن يجد واحدة قبل اشتداد الحملة الانتخابية ومن الواضح أيضا أنه فريق لا علاقة له بالحرية والديمقراطية ولا ينصح بهما بل يتخذ وسائل الدكتاتورية القديمة.

مشروع دكتاتور صغير..

اخترعت ديزني شخصيات كرتون طريفة منها توم وجيري ومنها بالخصوص الديناصور الصغير. الذي يخوض مغامرات كثيرة ويحتفظ بضحكته المحببة للأطفال في بعض مغامراته يصل إلى المنبع السحري ليشرب منه. يجب أن أذكر أن سلسلة الكرتون هذه كانت تبث زمن طفولة السيد الشاهد ونشك أنه لم يكن يفرط في حلقة منها وخاصة حلقة الوصول إلى النبع السحري والشرب منه لامتلاك القوة وخوض بقية الطريق نحو الانتصار.

لقد وصل الديناصور الصغير. وحاول الشرب من النبع السحري فوجد نفسه يفكر في دكتاتور صغير يصل إلى السلطة بالعبث الإعلامي بعقول الناخبين. هذا الأسلوب عرفه التونسيون وخبروه وملوه ويحاربونه بالصراخ في وجهه مرة وبالاحتقار مرات. ولكن لننبه هنا أن فضح هذه الممارسات ليست دفاعا عن الخيارات الأخرى فصاحب قناة نسمة لا يمكن أن يكون الملاك المخلص فالتونسيون يعرفونه من زمن كان يقول عن بن علي أنه أبوه الحنين وأنه كان يسبح بحمده ويسند نظامه. ولا احد يخفى عليه فساده المالي وارتباطاته المشبوهة بالفاسد الإيطالي برلسكوني شريكه الإعلامي

ولكن لنختم و نحن منتبهون للجميع يبدو أن السيد يوسف وصل إلى النبع الخطأ فالسحر في الحكاية طيب ونبيل ولكن الاحتيال الإعلامي على الناخب عين من حميم وغساق. وقد لاقى صاحبة بسرعة الجزاء الوفاق ولا نراه يعثر على الترياق ولو استعان بأحمد فارس الشدياق وليس بمستشاريه "العياق".

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات