نبوءة …

في ثلث القرن القادم سيتحول هشام جعيط الى مرجعية لحركات الاسلام السياسي التي ستتخذ مسميات اخرى و يتلاشى هذا الاسم الفرنسي وسيصير مفكرا رجعيا عند من يتبقى من اليسار الايديولوجي المتزمت.

ان اللوثة الايدويولوجية تضعف وتضمحل عن الاسلاميين وقليل من اليسار لكنه تشتد عند خصومهم ...لقد عاصرت الجميع في عقد الثمانيات ووجدت الاسلاميين اقدر على القراءة والاستيعاب. كان جعيط عند الاسلاميين بعثيا عراقيا وهم موالون للثورة الايرانية فهو تقريبا عدو لكنهم كانوا يقرؤونه بنهم اكثر مما يقرؤون عبدالله النفيسي(حبيبهم الكويتي) كما يقرؤون العروي الملوث في رايهم بالماركسية وكانوا يقرؤون الماركسية بشكل يثير استغراب الرفاق الماركسيين ...وكان الجابري عندهم قسيسا علمانيا ...يستقبلونه في كلية الشريعة التي هي حوزتهم الخاصة. وقد حضرت نقاشهم معه وهو منبهرين بنقد العقل العربي.(طبعا اسلاميو منوبة ليسوا اسلاميي كليات العلوم والهندسة والشريعة)…


…

في الاحتمالات التاريخية المهدرة كان لهذه القراءات والنقاشات الطويلة امل ان تطور خطاب الاسلاميين وسياساتهم لكن بن علي عطل ذلك ربع قرن…فأعاد الإسلاميين الى مربع الدفاع الغريزي عن وجودهم ولم نعثر في الاثناء على حماس يساري لجعيط فهو ليس ماركسيا خالصا…وبه لوثة شوفينية. خاصة وقد بدأت كتاباته التاريخية المتأخرة متصالحة من الاسلام يوشك صاحبها ان يصنف غير وضعي. المنهج …ولا نجد له عبارات الحاد صريحة. وهو منبهر برسول الاسلام..

بعد الثورة وضعت حكومة الاسلاميين (الترويكا) هشام جعيط على بيت الحكمة. وعندما خسروا الحكومة اطرد يسار النداء جعيط ووضع الشرفي فمسح اثر جعيط …وكان ذلك التعيين نتيجة من نتائج تلك القراءات…المتقدمة.

في مستقبل لا اراه بعيدا ..وربما تحت ضغط تدين شريعي متزمت قادم من مجاهل صحارى النفط القاحلة سيجد اسلاميون كثر نافذة تواصل مع قراءة جعيط لتاريخ الاسلام وسيسقطون التقسيم الوهابي (جاهلية ضد اسلام) …وينشؤون حركة نقدية للتاريخ من زوايتهم سيكون جعيط مرجعها الاول …ستكون هذه مغامرة محفوفة بمخاطر تكفيرية من داخل جسم الاسلاميين انفسهم فتيار الجذب الى الخطاب الشريعي قوي بعد لكنه سيتلاشى مع تقدم الديمقراطية …بصفتها وعاء للتفكير الحر …

قد يخلق هذا ايضا منطقة لقاء فكري بين يسار متحرر وقومي غير شوفيني وبين اسلامي غير شريعي …تحت سقوف الحرية والديمقراطية ..بعيدا عن الاستئصال الممول فرنسيا ..في المغرب العربي خاصة (تاريخيا المغرب الاسلامي جدد الاسلام دوما بما في ذلك الاسلام الصوفي).

اكتب هذا بثقة في المستقبل رغم ما نعاين من تراجع القراءة والتفكير ..ساعتها سينال جعيط مكانته التي اشتغل عليها ويتحقق مشروعه الكبير في اعادة بناء نظرية عربية اسلامية في التاريخ …

اعمار الافكار اطول من اعمار من يكتبها …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات