في السؤال عن الشارع العربي وتصحره

ابوعبيدة و أبوحمزة و ابو العبد و أبو حمدان وغالب الناطقين باسم المقاومة الغزاوية الشريفة على امتداد الاشهر الاربعة توسلوا الشوارع العربية بجماهيرها وسياسييها و نخبها ومثقفيها ومبدعيها للتحرك .لكن دون جدوى …

الشوارع العربية في القرن العشرين والسنوات الاولى للواحد والعشرين ضجت وامتلأت بالاحتجاجات في المعارك القومية (النكسة ...حرب السبعينات .. غزو بيروت الثمانينات ..الحرب على العراق في التسعينات والالفينات ..معركة تموز 2006 ..غزة 2009 و 2012 ...) ورغم ما يقال عن جدوى الاحتجاجات فقد ارعبت هذه الشوارع النظم واجبرت زعيمة الاستعمار العالمي على الاسراع بتطويق الحرائق لمنع انهيار الترتيب السياسي الذي نظمت به المنطقة منذ عقود …

لما انطلق الطوفان قال متابعون مطلعون ان حاملات الطائرات الامريكية والبريطانية جاءت لحماية الستاتيكو خوفا من الانفجار الشعبي للمنطقة ....لكن الشوارع العربية كانت باردة هادئة الا من بعض ردود انفعالية ...وباستثناء شوارع بيئات المقاومة في دول عربية معلومة فقد هدأت الشوارع في مصر والاردن والمغرب العربي .

الاصدقاء التونسيون كتاب المواقع الالكترونية العربية وكبار المدونين على هذا الفضاء انصرفوا الى كتابة المدحيات في شجاعة المقاومة او تحليل مهاراتها العسكرية تماما وكأنهم محللي فضائيات اعلامية ...ولا احد منهم قرأ سياسيا حالة الموت السريري لأهم شارع عربي في بلد مهد الربيع …

مؤرخون وعلماء اجتماع وكتاب سياسيون من كل الاطياف لم يقدم لنا احد منهم مقالا في الموضوع وهو في تقديري من أطرف مواضيع البحث العلمي لو ارادوا التميز في مقالاتهم بعيدا عن تكرار المديح او معاودة تحاليل العمداء المتقاعدين من الجيوش العربية الموزعين على فضائيات الاعلام العربي المهني .

لماذا لم تشتغل منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها اتحاد الشغل والرابطة وعمادة المحامين واحزاب اليسار والتنظيمات القومية على التحشيد الدوري للشارع ؟ هل يتعلق الامر فقط بعجز الماكينات عن ذلك ؟ ام ان هناك اكراهات منعتها او امرتها بالصمت ؟

لماذا خفت حماس بعض رموز الاكاديميا التونسية الذين تباهوا في الايام الاولى للطوفان بإتقانهم لموضة الديكولونيالية الى درجة توهمنا فيها تحول مدارج الجامعة التونسية الى شبيهة بمدارج هارفارد التي ضجت بمحاصرة الفكرة الصهيونية ؟

ليش خفتت حماسة المؤسسات الاعلامية وأوقفت نظام البث الاستثنائي لتعود اخبار الطوفان الى عناوين عادية في النشرة وركن اسبوعي انتقالي في البلاتوات ؟ من اوقف الحماس ؟

هل تعتبر محاصرة النهضة وتعطيل ماكينتها التعبوية والملاحقات التي طالت القوى الثورية مبررا كافيا لصمت الشارع التونسي ام ان الاسلاميين و القوى الديمقراطية الحليفة تتجنب تكتيكيا المبالغة في اسناد الطوفان حتى لا تكتب عند الغرب " الحقوقي " مساندة للإرهاب ؟

لماذا توقف سريعا عدد من ايقونات الصحافة التونسية الشباب عن التدوين في الطوفان بل واتجهوا بنهم عجيب وغريب الى الارتماء في التدوين على كاس افريقيا للعودة بعد ذلك الى اليوميات التونسية البائسة في السياسة والفيتشر ؟

ماذا حدث للإنسان العربي في العشرية الماضية ؟ سؤال مهم ايضا يمكن ان يكون موضوعا مغريا لمقال بحثي مهم وقد قرات مؤخرا مقالا حول : انسان الربيع العربي ..اي مزاج في المسألة الفلسطينية ؟ لم يكن مقالا عميقا في الحقيقة …

الساحات الصادقة في المحور تسند بالنار وبحشد الشوارع والساحات اثناء تشييع الشهداء ( القتلى كما تسميهم الجزيرة ) او في الجمعات المباركة كما تفعل الامواج البشرية الرهيبة في صنعاء وشقيقاتها باليمن الشريف....ساحات الغرب " الكافر " تحافظ على موعدها الاسبوعي ولاء لبعض موروثها التنويري و براء من المرابي التلمودي الذي يحكم بلدانها ...

باقي الساحات العربية وعلى رأسها الساحة السياسية التونسية وبعد رد انفعالي اول أيام الحرب تتوقف عن "ركوب" الحدث ...لجنة " الحبايب " التي انشأها الاتحاد مع "اصحابه" الماسكين بباتيندة " القضية" تغط في نومها العميق ....الاخوة والاخوات من الاطياف السياسية المختلفة يكفون على هذا الافتراضي عن التعبير عن " شوقهم الرومانطيقي " الى طلعة أبي عبيدة رغم غيابه منذ مدة مما يدل ان " الحب " تحول الى " مجرد عشرة " خصوصا بعد ان ظهر " الممرن الافريقي ابوعيون زرقاء " …

عندما نقول يجب ان نفكر كثيرا كثيرا كثيرا في وضعيتنا التعيسة وان ننجز مراجعات موجعة لمسار الغلط المعمم الذي لم تسلم منه كل التيارات بلا استثناء منذ عقد ونيف ...وحين نقول ان كل طبقتنا السياسية ونخبنا الثقافية والاكاديمية والدينية وعموم " جماهير شعبنا العظيم " تحتاج الوقوف امام مرأة التقييم والجرح والتعديل ...عندما نقول هذا يقلك كيفاش ..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات