السيادة الوطنية طموح عربي لن يتحقق الا في دولة المواطنة …

جدل تونسي دائم .. الاستبداد لا يبني سيادة …

انكشاف بعض أحداث التدخل السافر في القرار الوطني تثير لدى الفرقاء التونسيين شهية التزايد في حماية السيادة الوطنية مثلما نراه الان في قضية " تهريب" السلطات الفرنسية للمواطنة الجزائرية الفرنسية المطلوبة في بلدها الأصلي .

في الواقع أن المحقق التاريخي لن يعجز عن الحصول عن أحداث مشابهة منذ العهد البورقيبي والنوفمبري وصولا الى عشرية الانتقال الديمقراطي بعد الثورة بحكوماتها المتعاقبة ليتأكد من ان استقلال القرار الوطني يظل طموحا نتمناه ولا ندركه . فلا سبيل للحديث أولا عن سيادة وطنية في بلدان عربية مولى عليها منذ عقود وتعيش في سياق الاعتماد المتبادل والتبعية مع الدول القوية في الغرب والشرق في معاشها وصحتها وامنها العسكري ما يجعل مفهوم السيادة الوطنية امرا نسبيا في كل مستويات القرار الوطني سواء في عصر الحرب الباردة او في عصر العولمة الذي تداخلت فيه السياسات وتحولت منطقتنا العربية بالخصوص الى مسرح للعبة الأمم وصراع المحاور الذي لا يستطيع اي قطر عربي ان يدعي قدرته على النأي بنفسه عنه .

لكن مما لا شك فيه ان كل تقدم في بناء دولة المواطنة وسيادة الشعب عبر مؤسساته الديمقراطية ذات التمثيل الحقيقي لإرادته وان كل ترسيخ للوحدة الوطنية الداخلية وكل اعلاء لقيمة العمل والانتاج وبناء النسيج الاقتصادي الوطني الفعال سوف يساهم في توسيع دائرة السيادة الوطنية والتمكين للقرار الوطني دون ان نتوهم يوما بنزوع سيادوي استقلالوي بلوغ درجة من الاغفال المطلق لتقاطع المصالح وتبادلها في اطار خيارات سياسة خارجية براغماتية تدرك المصلحة الوطنية وتخدمها بحسن التموقع الجيوبوليتيكي .

لكن أين المشكل في قضية الحال ؟

المشكل هو ان من اهم "الاساطير المؤسسة" للانقلاب الشعبوي الحاكم منذ 25 جويلية انه ينسب الى نفسه استرجاع " السيادة الوطنية " و " هيبة الدولة الوطنية " في مواجهة خصومه الذين ينسب اليهم " بيع ضمائرهم " للخارج . ولعل من اهم انصار الانقلاب اصدقاءنا القوميين واليساريين وكثير من بقايا النوفمبرية الذين يزايدون على انصار " الثورة / الربيع العبري / ربيع الخراب " بشعارات المشروع السيادي دون ان يرف لهم جفن وهم يرون بوضوح ان 25 جويلية ما كان ليحصل ويستمر لولا الدعم والدفع من القوى الدولية المعادية للربيع الديمقراطي التونسي الذي يبقى وحده هو الخطر الذي يهدد التبعية الازلية التي تعيشها بلادنا وسائر بلاد العرب الرازحة تحت الطغاة باعتبارهم اسهل المداخل للغزاة فالاستبداد رديف التبعية باستمرار والديمقراطية على علاتها سبيل ممكن على المدى البعيد للاستقلال والسيادة …

المواطنون لا الرعايا هم من يبنون دولة السيادة الوطنية ...فالعبد لا وطن له والمستبد لا يستمر الا بحماية الغزاة ....

اذن كفوا عن المزايدة ....

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات