اطلاق سراح المعتقلين السياسيين ليس هزيمة للسلطة .

أريد ان اقول أولا اني أميز بين موقفي السياسي المبدئي من السلطة ، والتي أعتبرها منذ 25 جويلية 2021 تحكم خارج الشرعية الانتخابية بعد انقلابها بالقوة العارية للدولة على الدستور والمؤسسات الشرعية، وبين رغبتي وسعيي الى كل أشكال التسوية التي تخرج اولا الصديقة والأصدقاء المظلومين من غياهب المعتقل ليعودوا الى الأهل والعائلة وليستعيدوا حقهم في الحرية .

لا أحب كثيرا ذلك النوع من المزايدات الثوروية التي يبديها بعض من أيديهم في الماء البارد كلما عبر أحد منا عن رغبة حقيقية في البحث عن حل تسووي يغادر فيه المعتقلون جحيم الحبس وثقل القيد وغربة الأسر فلا أحد غير العائلات ومعتقليهم يعرفون حجم المعاناة في غياهب السجن مهما كانت ظروفه .

اعتقال صديقتنا واصدقائنا من القيادات السياسية والحزبية والجبهوية في ما سمي بقضية المؤامرة كان واضحا انه اعتقال سياسي جاء في سياق ازمة سلطة متصدعة ومنقسمة بين رؤى وتصورات وأجنحة وظفت القضاء ودفعت راس السلطة الى تصور ان حبس هذه المجموعة سيوقف ازمة الحكم المتفاقمة ويؤجل مصاعبها ويمنع التئام المعارضة ويثبت التسلطية ولكن بعد ما يقارب نصف سنة من هذا الاعتقال وما تلاه من إيقاعات عديدة لرئيس البرلمان الشرعي والقيادات والوزراء والنشطاء والمدونين يتبين بوضوح ان تجريف الساحة وسجن الحركة السياسية لا يحل مشكلا اجتماعيا واقتصاديا ولا ينهي ازمة حكم وعزلته الداخلية والدولية بل على العكس من ذلك سيكون ذلك من قبيل الحلول القصووية والهروب الى الامام .

ندرك تماما ان بعضا مما يوجد من العقل المركزي للدولة وكثيرا من الرؤى ووجهات النظر ومربعات النفوذ المحيطة بالحكم تدرك ان موجة الاعتقالات كانت من الاخطاء الجسيمة التي فاقمت المأزق السياسي للبلاد ونعرف جيدا ان كثيرا من الفاعلين في قلب منظومة 25 يستخلصون بالوقائع براغماتيا ان سياسة الاعتقالات كانت وبالا على مسار التفاوض بين الحكم والمشهد الدولي وانها كانت سياسة من تدبير استئصاليين يدفعون الى التأزيم وتجريب المجرب .

ولهذا السبب بالذات سنعتبر ان خطوة سياسية جريئة تعيد المعتقلين الى بيوتهم واحضان عائلاتهم ستمنح المشهد التونسي المتمأزق والمفتوح على المجهول المخيف أفقا ممكنا للحل التسووي الذي يعيد الدولة الى مدار الشرعية ويمنحها قدرة على اجتراح سبيل الخروج من التيه …

خروج المعتقلين من اجل صيف تأملي تفاوضي بناء والسيوف في اغمادها ...ذاك هو خيار العقل الوحيد في وطن يفقد صوابه بزعيق الراقصين على دخان المحارق ...لن يخسر أحد من سراح صديقتنا واصدقائنا الا أعداء الحلول الوطنية ....

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات