من اياصوفيا الى ابي القاسم الشابي...معركة الرمزيات في عصر انبعاث الامم..

Photo

اعادة فتح مسجد اياصوفيا هذه التحفة التاريخية في منطقة السلطان احمد في اسطمبول هي معركة اخرى بواسطة الرموز في الشرق الصاعد وسط عالم يعيد ترتيبه صراع الشرق والغرب او الشمال والجنوب.

مسجد اياصوفيا الذي اشترى حق اعلانه من الكنيسة محمد الفاتح منذ اواسط القرن 15 ايذانا بأفول عهد القسطنطينية المشرئبة بعنقها الى الغرب النصراني واعلانا لولادة العثمانية المتصدرة لقيادة عالم اسلامي ينهض رويدا رويدا من نكسة ملوك الطوائف وسقوط الاندلس …

بعد 481 سنة من ازدهار الخلافة حوله الغازي مصطفى كمال اتاتورك الى متحف بعد عشرية واحدة من اعلان نهاية الخلافة وقيام الجمهورية التركية عودا على بدء طوراني عادت فيه اسطمبول لتمد رأسها الى الغرب الذي ظل على امتداد ما يقارب 60 سنة يرفض ادماجها في سياقه رغم علمانيتها المحروسة بعسكر ترجم الاذان وضيق على الطربوش والحجاب وانجز تحديثا قسريا عمق انفصال الدولة على المجتمع.

ظل اياصوفيا محاصرا في متحفيته ضمن رؤية اقصائية لدين الاغلبية التركية ومع ذلك لم يقبل الغرب بدخول تركيا الى رحاب اتحاده نظرا لسيطرة مركزية يهومسيحية ثاوية تحت قشرة الكونية الانسانية المزعومة للغرب المعتد بذاته والمسكون باستمرار بفوبيا " المحمدية " التي عصفت بهدوئه العقائدي في ظلام العصور الوسطى والتي تطرق بابه اليوم باسلامات متعددة اصبحت جزء من نسيجه الداخلي.

بعد محاولات يائسة لإعادة الاسلام الى تركيا انتهت بإعدام رئيس تجرأ على العلمانية وحل حزب اربكان الدافع الى تركيا الملتفة الى شرقها الاسلامي جاء تلميذاه الطيب وعبد الله لتبتدئ رحلة القضم التدريجي لعلمانية فضة لدولة احست بعجزها عن التنمية وضمان العدالة وهي مفصولة عن هوية محكوميها وبروح قومية تصل الى حدود الغرور والمغامرة خاض العدالة والتنمية اللعبة ليكون اعادة فتح اياصوفيا بقرار من " مجلس الدولة العلمانية " نفسها تتويجا رمزيا لرحلة تركيا المنبعثة عثمانيا ….

مباشرة بعد الاعلان نطقت كنيسة روسيا الأرثودوكسية في حركة رمزية ولكنها غير مهمة لتناقش الاصل التاريخي لاياصوفيا للتذكير بأصله الكنسي …فروسيا المغادرة ايضا للبلشفية المتهالكة منذ ثلاثة عقود تتقدم الى العالم اليوم للمشاركة في ترتيبه بعد ان استعادت مجد الكنيسة الأرثودوكسية التي رعاها ونفخ في روحها " بوتين البلشفي المتحول قوميا روسيا اورتودوكسيا " في عالم انبعاث الامم المدججة بتاريخها ورموزها …

عندما عاد ابوالقاسم الشابي الى بيت ابيه في الجريد تاركا وراءه اصدقاءه الشباب وعلى راسهم المفكر الاسلامي الطاهر الحداد كانت اول رسالة تبشيرهم بانه قد بعث مدرسة قرآنية للحفاظ على اللغة والهوية التونسية العربية الاسلامية في مواجهة مدارس المستعمر …كان احساس ابناء مدرسة الشباب التونسي وزعيمهم باش حامبة ثم الثعالبي ان المعركة مع المستعمر والمعركة من اجل النهوض هي معركة الرموز والانغراس في تربة … إذا اردت ان تعبئ شعبا فاخلق له رموزا حتى ان لم تجدها …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات